الدولة الضحلة.. التفكير في ” الخلافة “!

لم يكن الأمر بسيطا ، كان القذافي يعتقد أنه يمسك بكل خيوط اللعبة عندما بدأ في اتخاذ خطوات عملية لتوريث السلطة لنجله سيف الاسلام ، كثيرون يعرفون جيدا قمة جبل الجليد و لكنهم لم يتعمقوا كثيرا في التفاصيل التي كانت تشكل المشهد في ذلك الوقت ، لم يكن النظام الجماهيري يدرك حقيقة الصلات بين القوى التي صنعها على الأرض رغم أن تعامله مع قضية صناعة “ولي عهد” يثبت أنه استشعرها على الأقل و عليه أن يختبر قدراتها الفعلية وهو يخطط لمستقبل ” الحاكم القادم ” للجماهيرية ” .

غسل وجه النظام الليبي سيكون على حساب بعض ” القاذورات ” و لابد من نحر ضحايا لتجديد دماء الدولة و هؤلاء لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام النصب و هم يشاهدون رقاب زملائهم تحز و بما أنه من غير الممكن اقامة حفل موت جماعي لهم فوقت إنتباه “الطغمة ” المقترحة لقوائم الذبح في أعراس تدشين الوريث ٱت لا محاله ، و إذا إتحدت الخراف ضد الذئب ستأكل كبده ، الخوف سيجعل قرونها سيوفا حادة في لحظات ،و ستندفع هائجة لهدم المعبد لايخفى على عقل العقيد الفطن ذلك .

بمجرد أن طفق مصطلح ” القطط السمان ” يروج على ألسنة حاشية الأمير المرشح أدرك “الحرس القديم ” أن أصابع الشك تحوم حول أعناقهم ، و بدؤوا في تحسس مسدساتهم ، لقد فهموا جيدا أبعاد المؤامرة التي تخيم في الأفق ، و هرعوا للاستنجاد بالأب ليقيهم شر مشروع الإبن المفعم بالطموحات المتهورة ، و شرحوا وجهة نظرهم بوضوح للوالد ” لن تكون هناك تركة ليرثها أحد إذا استمر الحال على ماهو عليه ، ان هدم اساطير الفكر الأخضر و تبني الرواية الغربية للتاريخ ستحطم كل شيء في المملكة ” .

بالطبع لم يستطيعوا طرح السؤال الجوهري حول الايدولوجية “الأم” الذي يقول : أن مجرد التفكير داخل صندوق الدماء الزرقاء يحطم اليقينيات السابقة برمتها ، فالانقلاب الذي ازاح ادريس السنوسي و عهده لايجب أن يستخدم كلمات بائده بالضرورة ، إن مجرد الاشارة لتوريث يعارض فكر المؤسس للخرافة الثورية الكبرى ، و أن الجماهيرية الثانية تحتاج إلى تعديلات تهدد وجود مفاهيم ” الكتاب الأخضر باجزائه الثلاث ” يمكنهم صياغة إلتواءات ترقع الانسان النموذجي الجديد جدا أذا تأكدوا من بقاء جماجهم في مكانها المعتاد .

هذه هي مجريات الصدام الأولى بين الدولة الضحلة و الدولة العميقة قبل الربيع ، قديما فسر ” قائد الثورة ” الجرائم التي ارتكبت بسبب تنفيذ ” الحرس القديم ” لعقيدة سياسية افرزتها فلسفته غير المسبوقة بأنها عبارة عن لحظة ” طغيان للطلبة ” ، الإبداع التنظيري لن يعجز في تحويل التقاليد الملكية المنبوذة لترسيم الحاكم التالي و الإنتقال السلمي للسلطة إلى دفقة ثورية أنتجتها الإرادة الحرة للشعب السعيد على ركح ” المؤتمرات الأساسية وهي تمارس الديمقراطية المباشرة ” و سيبشر الحزب و أعني هنا ” اللجان الثورية ” بهذا الانعتاق الفريد بحماس لا نضير له .

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي القناة وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً

الكاتب
شاعر و كاتب و صحفي و مؤلف ليبي أسس و ساهم في تأسيس عدد من و الوحدات و الاقسام و الادارات…
Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة