كيف انهار سد وادي درنة؟

ما بين البحر والجبال تستلقي مدينة درنة، موقعها الجغرافي الذي منحها عبر عقود امتيازا حقيقيا كونها جمعت بين الخضرة والمرتفعات وزرقة البحر كان ذاته سبباً في كارثة إنسانية لم يشهد التاريخ الليبي الحديث مثيلاً لها.

انخفاض مدينة درنة وموقعها أسفل منطقة الجبل الأخضر ومجاري المياه بين الجبال التي تمثل نقطة تجمع مياه الأمطار على جغرافيا الجبل الأخضر كان أمراً مفصلياً يجعلنا نفهم وعن قرب تفاصيل ما حصل من انهيار السد بقسميه (سيدي بو منصور والبلاد) فالضغط على السد كان كبيراً، والنتيجة كانت ارتفاع مياه الأمطار والطمي إلى مستويات فاقت القدرة على التحمل.
يبلغ ارتفاع أحد السدين 75 مترا بعرض 300 متر أما عرض الأساس 104 أمتار وسعة تخزينية تصل إلى 18 مليون متر مكعب.
أما السد الآخر فارتفاعه يصل إلى 45 مترا وعرضه 130 مترا بسعة تخزينية تصل 1.5 مليون متر مكعب

وادي درنة خارج حسابات الدولة

يمتد وادي درنة إلى مسافة تزيد على الـ 60 كيلو مترا، وهو مجرى تتجمع فيه كافة الأمطار التي تجرفها مسارات الوديان والشعاب الأخرى في الجبل، وليس فيه سوى السد الذي شيد في عام 1961، ولم تجر صيانته سوى مرتين فقط، الأولى في 1977 والثانية في 1986 أي أنه ومنذ 37 عاماً ظل مهمشاً وخارج حسابات الحكومات المتعاقبة والتي أنفقت مئات المليارات.

المطالبات بصيانة السد كانت عديدة، والتحذيرات من انهياره كذلك، فضلا عن أن الدراسات العلمية المقدمة في الجامعات الليبية أكثر من أن تحصى، غير أن كل هذه الدعوات والبحوث والتحذيرات لم يكن صوتها عالياً كعلو أصوات الصراخ في قاعات التفاوض وكواليس الساسة ، فضلا عن ساحات المعارك ..

ورغم رصد الأموال للوزارات والبلديات، إلا أن السد ظل خارج الحسابات نهائياً في حالة تبين مقدار الضعف في فهم طبيعة العمل الحكومي ليأتي إعصار دانيال ويكشف هشاشة السد في مقاومة 110 ملايين لتر من المياه ، وهي كميات كانت في الماضي تسقط على مدار موسم بأكمله ، لكنها هذه المرة جاءت مجمتعة في ليلة واحدة لتجعل من مدينة الزهر والحنة أرضاً خراباً ، ومن بساتينها الخضراء طروداً جرداء.

المصدر: بيانات حكومية ودراسات

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة