صندوق الاستثمار وشكشك.. اتهامات متبادلة بالفساد والتسييس

تبادل رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك وصندوق الاستثمار الداخلي الاتهامات أحدها يرمي الآخر بالفساد والثاني ينعت الأول بالكذب والتدليس والتسييس، وتتبعت قناة ليبيا الأحرار وثائق الطرفين وتصريحاتهما والأرقام المعروضة لديهما، وتبين لها وجود بعض التفاصيل اللافتة والفارقة.

صندوق الاستثمار.. ما هو؟

تأسس صندوق الاستثمار الداخلي والتنمية عام ألفين وتسعة برأس مال مدفوع يقدر بـ12 مليار دينار، موزعة بين مؤسسة الاستثمار ومصارف ليبيا المركزي والجمهورية والليبي الخارجي والوحدة والواحة وشمال إفريقيا، مع مساهمات في 11 شركة عقارية ونفطية وصناعية واستثمارية بنحو 1,8 مليار دينار، وهدفه استثمار أمواله داخل ليبيا على أسس تجارية وفق مقتضيات العمل ومتطلبات السوق التنافسية.

“خسائر الصندوق” عامي 2019 و2020

ورد صندوق الاستثمار الداخلي ضمن تقرير ديوان المحاسبة عن عام 2021، لكن الملاحظ أن الأرقام الواردة تتقصي عام 2020 والأعوام السابقة له، وسجل التقرير خسائر متصاعدة لدى الصندوق في عامي 2019 و2020 تراوحت من ستة إلى سبعة ملايين.

كما جاء في الملاحظات أن الصندوق لم يحقق أي إيراد من نشاطه الاستثماري بل بالعكس زادت مصروفاتها الإدارية ما كبدها خسائر طيلة الأعوام الماضية.

وانتقد تقرير الديوان غياب دراسات الجدوى الاقتصادية والخطط الاستثمارية ووجود استثمار غير سليم ومشبوه بمصرف الواحة وغياب مظاهر الالتزام بالحوكمة والمتابعة الجادة وافتقاره للبيانات الدورية وغياب دور الجمعية العمومية لأكثر من سبع سنوات إلى جانب ملاحظات أخرى.

شكشك يقترح حل الصندوق

صرح رئيس ديوان المحاسبة في مقابلة مع قناة ليبيا الأحرار الأيام الماضية أن صندوق الاستثمار الداخلي رأس ماله 12 مليار دينار (وهو الرقم نفسه الوارد في تقرير الديوان)، وتابع أن تلك الأموال في مصرف ليبيا المركزي، وأن خسائر السنة الماضية مع الشركات التابعة فاقت خمسة وعشرين مليون دون تحقيق أي إيراد بأي دينار.

ويذكر شكشك أن الجمعية العمومية للصندوق لم تجتمع منذ 2014، وأن خسائر السنة الماضية سبعة مليون كلها مكافآت ومزايا وسفريات، مردفا أن رأس مال الصندوق 12 دينار ما يعادل تسعة مليار دولار، وأنه عند ما تغير سعر الصر وتنتجية سوء الإدارة أصبح رأس ماله ثلاثة مليارات دولار، قائلا إنه يجب للجمعية الاجتماع بشأن انخفاض رأس ماله أكثر من خمسين في المئة وأخذ قرار مثل حل الصندوق نظرا لتكبده خسائر دون أرباح.

أرقام متشابهة وأعوام مختلفة

الملاحظ في تصريحات شكشك ومضمون تقرير ديوان المحاسبة أن حديثهم متطابق بشأن حديثهم عن الخسائر ورأس المال، غير أن شكشك يتحدث عن العام الماضي، في حين هذه الأرقام المرصودة في التقرير تتحدث عن عام 2020 و2019.

الصندوق يرد.. “كذب وتدليس”

صندوق الاستثمار الداخلي رد على تصريحات شكشك أو خصها بالراد دون التطرق لتقرير ديوان المحاسبة، وأكد أن معلومات رئيسه مغلوطة نافيا انخفاض رأس ماله من تسعة إلى ثلاثة مليارات قائلا إن هذا افتراء وكذب وتدليس مؤكدا أن رأس ماله تسعة مليارات دينار ليبي.

ونفى الصندوق استنزافه لرأس ماله وأكد استخدامه لأرباحه المحققة في السنوات الماضية في مصاريفه (دون الكشف عنه قيمة تلك الأرباح)، ومضى في كتاب أرسله لقناة ليبيا الأحرار يقول إن ما ورد من شكشك دعاية سياسية وتنافس سياسي واستغلال للمنصب وصل إلى تقديم بيانات مغلوطة لإثارة الرأي العام لافتا إلى أنه مترشح لرئاسة ليبيا مازال مسجلا لدى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بهذه الصفة.

وأشار الصندوق إلى أن هناك قضايا قانونية بينه وبين شكشك نتيجة ما وصفه بالتصرفات غير القانونية، وأن محكمة استئناف طرابلس قضت بإلغاء قرارات صادرة عنه شخصيا وأنه ضرب بها عرض الحائط ولم يحترمها وتمادى بإصدار قرار مخالف لهذه الأحكام وهو متداول أمام القضاء، وفق الصندوق.

أي الطرفين أدق: بالدولار أم بالدينار؟!

وتدقيقا، فإن شكشك تحدث في المقابلة المرئية مع قناة ليبيا الأحرار عن رأس مال يقدر بـ12 مليار دينار وليس 9 مليارات دينار كما ورد عن الصندوق، غير أن تأكيد الأخير بأن رأس ماله 9 مليارات دينار يعني أنه انخفض أربعة مليارات عن الرقم الذي ورد في تقرير ديوان المحاسبة وعلى لسان رئيسه أيضا.

9 مليار دينار أم دولار

قدر شكشك قيمة الـ12 مليار دينار بـ9 مليارات دولار قبل تغيير سعر الصرف ثم ذكر أنه بعد تغير سعر الصرف انخفضت القيمة من 9 مليارات دولار إلى ثلاثة مليارات، وفي المقابل يتحدث الصندوق عن هذه القيمة بوصفا دينار لا دولارا، وهذا يعني أن القيمة الحالية لرأس مال الصندوق تقارب ملياري دولار حسب سعر الصرف بـ4.48.

الصندوق والديوان أمام القضاء

قرر رئيس ديوان المحاسبة فرض عام 2016 إخضاع جهات عامة للرقابة المصاحبة وعلى رأسها الصندوق الليبي للاستثمار الداخلي على ألا يصرف أي معاملة إلا بعد موافقة من لجنة شكلها بقرار آخر لهذا الغرض واستمرت هذا النوع من الرقابة حتى 2021 وتحديدا إلى حين تقديم الصندوق طعنا في القرار عن محكمة استئناف طرابلس.

حكم قضائي لصالح الصندوق ضد شكشك

جاء في حكم المحكمة أن وضع الصندوق لا يمثل أي حالة من حالات التي أقرها الدليل المعتمد لإجراء عمل الرقابة المصاحبة، كون لا يعاني انقساما مؤسسيا أو إداريا أو سوء إدارة وضعف أنظمة الرقابة الداخلية أو فراغ إداري، وان الديوان ملزم برفع الرقابة لأنها تجاوزت فترة الثلاثة أشهر على أن يحيل الصندوق كامل المسؤولية عن أي ضرر يلحق بأمواله، عدا الشركة العامة للبريد الواقعة قيد التصفية.

وورد في الحكم أيضا قوله المحكمة إنه لم يتبين لها وجود أي ملاحظات مالية تذكر، وأن “المطعون فيه قد ألحق ضررا بالطاعن تتمثل في حرمانه من مزاولة نشاطه منذ ألفين وستة عشر إلى حين صدور القرار المطعون فيه وهو ما يشكل ضررا ماديا ناتجا عن خطأ المطعون ضده”، وقضت بإلغاء القرار وما ترتب عليه من آثار.

المصدر: ليبيا الأحرار

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة