“يوليو” و”أغسطس” ثقيلان على ليبيا .. ما الذي يحدث؟

لا يكاد يمر يوم تقريبا منذ بداية شهر يوليو / تموز الفائت إلا ويستيقظ الليبيون على وقع حادثة جديدة تسفر عن ضحايا في صفوف السكان, حوادث غريبة لم يألف الليبيون سماعها بهذا الكم والنوع ..

صحيح أن ليبيا قد عانت خلال العقد الماضي من أزمات وحروب متكررة أسفرت في مجملها عن مئات – إن لم يكن آلاف الضحايا- إلا أن الجديد الآن هو تكرر الحوادث الغريبة بين المواطنين خلال مدة قصيرة بعد أن كانت هذه الحوادث تسمع من حين لآخر.

تموز/ يوليو أسود..

ففي الأسبوع الأول من شهر يوليو – تموز الماضي هزت جرائم مروعة المجتمع الليبي تزامنا مع أخرى شهدتها دول عربية مجاورة, حين أعلنت الحكومة مقتل 7 نساء من أعمار ومناطق مختلفة, وذلك في حوادث عنف صنف كأسري ومجتمعي ضد المرأة ..

وأصدرت آنذاك وزارة الدولة لشؤون المرأة بحكومة الوحدة الوطنية ومجلس النواب الليبي بيانات منددة بهذه الحوادث متعهدة بالقصاص لهن دون اتخاذ أي إجراءات فاعلة على الأرض.

بنت بية..

لم يكن أغسطس/ آب مختلفا عن الشهر الذي سبقه , بل يبدو أنه كان أكثر دموية , فمع فجر يومه الأول صدم الجميع بالأنباء القادمة من الجنوب والتي تفيد بانفجار صهريج للوقود ببلدية بنت بية ..

لم تتضح المعلومات في البداية حتى بدأت الحالات بالتوافد تباعا على مستشفيات المنطقتين الشرقية والغربية قادمة من الجنوب بسبب نقص إمكانيات العلاج هناك..

بدأت وزارة الصحة بنشر إحصائياتها وأوعزت للأطراف كافة في الغرب والشرق بالاهتمام بالجرحى, حتى اتفق الجميع على إرسال المصابين إلى الخارج لتلقي العلاج في تونس ومصر وتركيا وحتى إسبانيا وإيطاليا..

ولعل حصيلة الخسائر البشرية جراء هذه الفاجعة تبين هول المصيبة , فقد بين آخر تحديث للإحصائيات وفاة أكثر من 27 مواطنا ومعاناة ما يقرب من 60 مصابا.

الموت اختناقا..

يبدو أن هذين الشهرين يأبيان إلا أن يجرب الليبيون كافة أنواع الموت .. والتي كان آخرها اختناقا حين أعلنت وزارة الصحة وفاة 5 أطفال من عائلة واحدة جراء الاختناق بسبب مبيد حشري, فيما لا يزال الأطباء يحاولون إنقاذ حياة 3 أشقاء آخرين..

لعل ما ذكر أعلاه كان أبرز الحوادث التي أسفرت عن عدد كبير من الضحايا , ولكن إذا ما تعمقنا قليلا فإننا نجد أن الوضع أسوأ بكثير فقد شهدت مدينة “الزاوية” يومي 26 من يوليو و20 من أغسطس حادثتي تسمم منفصلتين أدتا إلى إصابة 102 في الأولى و65 في الثانية , وأرجعت المصادر الطبية ذلك إلى فساد الأغذية نتيجة انقطاع الكهرباء وعدم مراعاة بعض المطاعم للشروط الصحية.

كما أعلن مستشفى غات العام في الجنوب وفاة طفلة تبلغ من العمر 3 سنوات في منطقة تهالة بسبب تعرضها للدغة عقرب.

وفي ذات اليوم أكد مصدر أمني من مدينة سبها وفاة طفل وإصابة 2 من إخوته جراء سقوط قذيفة أر بي جي مصدرها مواطنون يحتفلون بخريجين من الكلية العسكرية عقب عودتهم إلى مدينتهم..

الأزمات لاحقت المواطنين حتى في خبزهم حيث قرر النائب العام “الصديق الصور” مؤخرا تشكيل لجنة تحقيق وإشراف إزاء واقعة توريد مادة برومات البوتاسيوم المحظور استيرادها إلى البلاد واستعمالها كمضاف في بعض المواد الغذائية الأمر الذي أدى إلى شن حملة من قبل الجهات المختصة أدت لإغلاق عشرات المخابز في مدن ومناطق مختلفة من البلاد مما أدى إلى نقص الخبز في تلك المناطق.

المصائب لا تأتي فرادى ..

هذه الحوادث جاءت بالتزامن مع أحداث يومية وأزمات يعانيها المواطن , كاستمرار انقطاع التيار الكهربائي في ظل ارتفاع غير مسبوق لدرجات الحرارة ومرور البلاد بالموجة الخامسة لانتشار فيروس كورونا بحسب المركز الوطني لمكافحة الأمراض, ونقص شديد في اللقاحات البيطرية بحسب المركز الوطني للصحة الحيوانية الأمر الذي أدى إلى ظهور أمراض في صفوف الماشية.

وفي ظل كل هذا بات المواطن حائرا تائها لا حول له ولا قوة .. فالمصائب جليلة والأزمات كثيرة والجهات المسؤولة عن سلامة المواطن يبدو أنها قد باتت عاجزة عن حفظ أبسط حقوق المواطن في حياة كريمة كضمان الأمن الغذائي على الأقل.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي القناة وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً

كتابة | مصطفي الجسري

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة