بعد تعثر محاولاته لدخول طرابلس.. باشاغا يختار سرت مقرا لحكومته

عاد الهدوء إلى العاصمة طرابلس بعد اشتباكات اندلعت فجر الثلاثاء على خلفية دخول رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا إلى المدينة برا، في وقت متأخر من ليل الاثنين.

طريق الشط وجزيرة سوق الثلاثاء وزاوية الدهماني وقرب مقر كتيبة النواصي، أبرز المناطق التي شهدت شوارعها اشتباكات وسمعت فيها أصوات الرماية؛ وهي أكثر مناطق العاصمة استراتيجية، لضمها مقرات حكومية ووزارات سيادية، إضافة إلى مقر المجلس الرئاسي، الأمر الذي تسبب في ضرر بعض أملاك المواطنين.

غير أن هذه المناوشات لم تدم سوى ساعات فقط، بعد تدخل اللواء 444 قتال التابع لوزارة الدفاع في فض الاشتباك وإخراج باشاغا من طرابلس، دون إراقة للدماء.

وساطة إخراج باشاغا

مصدر من اللواء في تصريحات للأحرار قال إن تدخل قواتهم في وساطة إخراج باشاغا، جاء لمنع انجرار طرابلس في الحرب والدماء، مشيرا إلى أن هذه الجهود تمت بعد الاتصال برئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وجميع الكتائب العسكرية لترتيب مغادرة باشاغا سلميا، وهو ما أكده المكتب الإعلامي للحكومة المكلفة فيما يتعلق بالخروج من العاصمة.

أضرار بشرية ومادية

وخلفت اشتباكات العاصمة وفاة شخص وإصابة 5 مواطنين، وأضرار مادية بأكثر من 32 سيارة، منها 4 سيارات معدومة نهائيا، وإتلاف واجهة فندقين ومجمع تجاري بشارع عمر المختار وإحدى الشقق.

الدبيبة: وفاة مشروع الانقلاب

رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة -في كلمة متلفزة- بعد انتهاء الاشتباكات، قال إن مشروع التمديد والانقلاب انتحر سياسيا وصدرت شهادة وفاته رسميا، حسب قوله.

الدبيبة بين في كلمته أنه وافق على فتح ممر آمن لمن وصفها بالمجموعة المنقلبة التي اقتحمت طرابلس، حقنا للدماء، بحسب تعبيره.

ولفت الدبيبة إلى أن الأجهزة الأمنية تعاملت بكل مهنية وحزم مع هذا الاختراق الأمني، وتمكنت من وأد الفتنة والمحافظة على استقرار العاصمة، مشيرا إلى أن المواطنين يخشون عودة حالة الرعب بعدما تسلل المسلحون إلى العاصمة، وفق وصفه.

الدبيبة أوضح أن الحكومة مستمرة في مهامها حتى التسليم لحكومة منتخبة، مؤكدا أن الانتخابات هي الحل، وأنه لا مستقبل لليبيا إلا بإجرائها، متهما ما سماه “المجموعة المنقلبة” بأنها لا تريد العيش إلا في الحرب والفتنة، وفق قوله.

وطمأن رئيس حكومة الوحدة الوطنية كافة البعثات الدبلوماسية بأن الأوضاع الأمنية مستقرة بطرابلس، وأن بإمكانهم أداء عملهم بشكل طبيعي.

وخلال جولته في العاصمة بعد انتهاء المواجهات، أمر الدبيبة بتشكيل لجنة لحصر الأضرار الناجمة عن الاشتباكات لبدء إجراءات تعويض المتضررين.

إعفاء جويلي

رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة بصفته وزيرا للدفاع، قرر إعفاء مدير إدارة الاستخبارات العسكرية أسامة جويلي من مهامه، وتكليف المعاون بالمهام المنوطة به إلى حين تعيين مدير جديد.

باشاغا: سنبدأ العمل من سرت

رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا أعلن بداية مباشرة حكومته لمهامها من مدينة سرت، مؤكدا أنها ستعمل لصالح كل الليبيين.

وقال باشاغا إنه فضل المغادرة حقنا للدماء، مشيرا إلى أنه دخل إلى طرابلس عبر سيارتين مدنيتين ولم تكن بحوزتهم قطعة سلاح واحدة.

باشاغا وصف سلوكيات حكومة الدبيبة بالهستيرية وأن مواجهتها السلام بالعنف والسلاح، دليل قاطع أنها ساقطة وطنيا وأخلاقيا، وعدم امتلاكها لمصداقية لإجراء انتخابات نزيهة، وفق تعبيره.

باشاغا اتهم حكومة الوحدة الوطنية باستعمال السلاح والمال العام لتعزيز سلطتها، قائلا إن طرابلس مختطفة من قبل حكومة فاقدة للشرعية تماما داخليا ودوليا.

باشاغا قال إن المليشيات التي واجهته؛ بعض قياداتها مطلوبون دوليا واتهمتهم منظمات دولية بجرائم، وفق تعبيره، لافتا إلى أن مؤسسة مالية كبيرة في ليبيا هي من دعمت الكتائب التي تحركت بالأمس، حسب قوله.

المشري يدعو لحكومة مصغرة

رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري شدد على ضرورة التوافق على قاعدة دستورية وحكومة مصغرة هدفها إجراء الانتخابات فقط.

المشري في لقاء عبر قناة ليبيا الأحرار، قال إن حكومة باشاغا هي محل نزاع ودخولها بدون توافق هو فرض أمر واقع مرفوض.

المشري أكد أن حكومة الدبيبة لا تستطيع إجراء الانتخابات لأن نفوذها مقتصر على طرابلس وبعض المدن، متهما الحكومتين بأنهما لا تريدان الذهاب للانتخابات حتى بعد 5 سنوات.

المشري نصح باشاغا بتقديم استقالته، مطالبا في المقابل رئيس حكومة الوحدة الوطنية بقبول التغيير.

ردود الفعل الدولية والعربية

وفي ردود الفعل على تلك الأحداث، أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن قلقها الشديد إزاء الاشتباكات، حاثة جميع الأطراف على الامتناع عن اللجوء للعنف.

كما حذرت السفارة الأميركية السياسيين من أن الاستيلاء على السلطة أو الحفاظ عليها بالقوة سيزيد معاناة الليبيين، مؤكدة أن المسار الوحيد القابل للتطبيق هو السماح لليبيين باختيار قادتهم.

ودعت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني وليامز، كافة الأطراف الليبية بلا استثناء إلى ضبط النفس والحرص كضرورة مطلقة على الامتناع عن الأعمال الاستفزازية، بما في ذلك الكف عن الخطاب التحريضي والكف عن المشاركة في الاشتباكات وتحشيد القوات.

وحثت سفيرة المملكة المتحدة لدى ليبيا كارولين هورندل الأطراف الليبية على التهدئة والدخول في حوار لإرساء الاستقرار وتنظيم انتخابات ناجحة.

وشدد السفير الألماني لدى ليبيا ميخائيل أونماخت على ضبط النفس، مؤكدا أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة الليبية.

ودعت فرنسا جميع الجهات الفاعلة الليبية إلى الامتناع عن ممارسة أي أعمال عنف وإلى التقيد باتفاق وقف إطلاق النار، حاثة على الشروع في عقد حوار حقيقي في سبيل التوصل إلى حل سياسي مستدام، يقتضي أيضا تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية شفافة ومحايدة في جميع أرجاء ليبيا في أسرع وقت ممكن.

السفارة الإيطالية حثت أيضا الأطراف الفاعلة على الالتزام بتعهداتها بالامتناع عن العنف، وإيجاد مسار توافقي نحو الانتخابات الوطنية، عبر الوساطة التي ترعاها الأمم المتحدة.

وناشد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط جميع الأطراف ضبط النفس وعدم تأجيج الصراع مجددا، وتغليب لغة الحوار وصولا إلى تهيئة الأرضية المناسبة لإجراء انتخابات وطنية في أقرب فرصة ممكنة، كونها السبيل الوحيد لإنهاء المراحل الانتقالية وتجديد شرعية المؤسسات.

كما دعا البرلمان العربي الأطراف الليبية إلى ضبط النفس وتحكيم العقل وتغليب المصلحة الوطنية العليا حفاظا على الأرواح ومقدرات الشعب الليبي والخروج من هذه المرحلة الحرجة بأقل الخسائر.

وأعربت الخارجية القطرية عن قلقها من التطورات التي شهدتها العاصمة طرابلس، ودعت إلى تهيئة المناخ لإجراء الانتخابات، مجددة دعمها الكامل للمسار السياسي الليبي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأكدت وزارة الخارجية المصرية ضرورة الحفاظ على الأرواح والممتلكات ومقدرات الشعب الليبي، مطالبة بضبط النفس والامتناع عن اتخاذ أي خطوات من شأنها تأجيج العنف، مشددة على حتمية الحوار بهدف الوصول إلى عقد انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة ودون تأخير.

ودعت الجزائر جميع الأطراف الليبية إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد والعمل على إعلاء المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار، حاثة الأطراف الليبية على ضم جهودها لتوفير الشروط الضرورية لإنجاح عملية إجراء انتخابات حرة ونزيهة.

كما أكدت السفارة التركية في ليبيا أن الحفاظ على الهدوء هو أولوية رئيسية، داعية جميع الأطراف إلى ضبط النفس والتحلي بالعقلانية وحل المشاكل عبر الحوار، وأن على مجلسي النواب والدولة إرساء أرضية قانونية متينة للذهاب نحو الانتخابات.

المصدر: قناة ليبيا الأحرار

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة