خبيرة أممية: البعثة الأممية في ليبيا ورقة مساومة داخل مجلس الأمن

قالت مجلة “نيو لاينز” الأمريكية إن 5 أعضاء فقط في مجلس الأمن لديهم حق النقض وهذا ما يعني أن أولوياتهم تكون دائما في الصدارة حتى في النزاعات والملفات الكبرى مثل ليبيا.

لعبة السلطة على القرارات

وأضافت المجلة في تقرير بعنوان “في الأمم المتحدة: لعبة السلطة على القرارات”، للخبيرة السابقة في لجنة خبراء مجلس الأمن بشأن ليبيا “أماندا كادليك”، أن الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” انتهك قواعد مجلس الأمن في ديسمبر عندما عيّن من جانب واحد “ستيفاني ويليامز” مستشارة خاصة لليبيا بعد أن منعت روسيا من تعيين البريطاني “نيكولاس كاي” لشغل منصب الممثل الخاص للأمم المتحدة في البلاد.

وأوضحت مجلة “نيو لاينز” أن غوتيريش كان يبدو حذرا بشأن احتمال قيام أعضاء مجلس الأمن بمنع أو تعطيل دور الأمريكية “ستيفاني ويليامز” الأكثر موثوقية، فقط بسبب تمثيل بلادها في مجلس الأمن، وأشارت إلى أن روسيا أوقفت الأسبوع الماضي تجديد مهمة بعثة الأمم المتحدة بأكملها في ليبيا لإجبار “غوتيريش” على الإطاحة بوليامز وترشيح أي شخص آخر غير ممثل لدولة منافسة.

المشاكل أكبر من الحلول في مجلس الأمن

وقالت المجلة الأمريكية إن الأعضاء الدائمين الذين يتمتعون بحق النقض (الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) يصطدمون بانتظام بشأن المسائل الحاسمة واتفقوا على القليل في ليبيا منذ سقوط نظام القذافي، وأصبح حظر التعيينات والقرارات المتعلقة بالمهام الحاسمة أداة شائعة الآن للعب على مستوى العالم، وهو ما يعني أن الدبلوماسية الدولية غالباً ما تنحصر في الاهتمامات المحلية .

وأضافت “نيو لاينز” أن الأهداف المتنافسة في بكين أو لندن أو موسكو أو باريس أو واشنطن تلوّن كل قرار يتخذه مجلس الأمن بشأن المواقف والأحداث في أماكن بعيدة، وليبيا أصبحت مثالا على ذلك، وغالبًا ما تعرض عواقب قرارات مجلس الأمن لليبيا مشاكل أكثر من الحلول، وهذه الأخيرة هي الهدف الأساسي لمهمتها المعلنة المتمثلة في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.

اعتراضات مستمرة على نقاط بسيطة

وأشارت الخبيرة السابقة في لجنة خبراء مجلس الأمن بشأن ليبيا “أماندا كادليك”، إلى أنه عندما شن خليفة حفتر هجومه على طرابلس في 4 أبريل 2019، كانت قد بدأت فترة رئاستها الأولى في فريق الخبراء، وقالت إن مشاريع القرارات المتعلقة بليبيا كانت تواجه اعتراضات دائمة على أبسط نقاط الصياغة واستخدام اللغة، حيث يصبح تفضيل بعض الضمائر أو الظروف مثل “تعارض بشدة” مقارنةً بـ “يعارض” فقط نقاطًا يجب تسويتها.

وأشارت الخبيرة إلى أن هذه الديناميكية قد تكون متوقعة في مؤسسة دولية منقسمة تتخذ قرارات حول بلد يكون فيه اللاعبون الرئيسيون المعنيون متضاربي المصالح، لكنها أيضا تسلط الضوء على التعقيد المتأصل للأمم المتحدة التي تتخذ القرارات بشأن مستقبل ليبيا بينما يعمل بها أشخاص تشارك حكوماتهم بنشاط في هذا الصراع، وأشارت إلى أن هجوم حفتر على طرابلس مع وجود الأمين العام أنطونيو غوتيريش مثل صدمة للكثيرين.

قرارات مؤجلة ومصالح ضيقة

وفي غضون أسبوع، أشارت الخبيرة الأممية إلى أن المملكة المتحدة – حامل القلم المخصص لملف ليبيا في ذلك الوقت – حاولت تقديم رد موحد من مجلس الأمن على هجوم حفتر حتى لو كان ذلك لأسباب إنسانية فقط، لكن الولايات المتحدة وجهت انتقادات وشكوكًا في نهاية المطاف لطلبها مزيدًا من الوقت لاتخاذ موقف، فيما لم تعارض فرنسا أيضًا قرارًا متزامنًا في نظام الاتحاد الأوروبي على أساس فرضية مماثلة لكنها أعاقت ذلك.

وعلى هذا النحو، أكدت “أماندا كادليك”، أنه تم تأجيل قرار مباشر مصمم لغرض شجب عمل عدواني والدعوة إلى وقف الأعمال العدائية بسبب الفشل في التوصل إلى توافق في الآراء، وذلك يظهر مدى غموض العملية الدبلوماسية وآلية صياغة القرار وكيف يمكن أن تحبط أهداف من قبل جهة فاعلة أو مجموعات من الجهات ذات المصالح الضيقة وسلطة صنع القرار، حيث تعتمد القدرة على تمرير القرارات إلى حد كبير على من يقترحها.

التنافس على النفوذ وراء الكواليس

وأشارت الخبيرة الأممية في تقريرها الذي نشر بمجلة “نيو لاينز” الأمريكية إلى أنه عندما يتم مشاركة مشروع قرار مبدئيًا مع الدول الـ15 الممثلة في مجلس الأمن، تمر كل دولة بعملية داخلية مع حكوماتها قبل التفكير في موقف أولي غير رسمي، قائلة إن لكل دولة مصالح محلية وأجنبية، بناءً على القضية أو المكان المطروح، ولها مستوى معين من المصالح السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية.

وبشكل عام، تستشير كل دولة وكالاتها ومؤسساتها الحكومية المختلفة ووزارتي الخارجية والدفاع وأذرع الاستخبارات للتوصل إلى قرار بشأن ما إذا كانت ستتبنى قرارًا بعينه، وقالت إن هذا هو الحال بشكل خاص في النزاعات مثل القضايا المتعلقة بليبيا، حيث كان للدول الخمس الكبرى مصالح في مجالات متباينة مثل الهجرة وموارد الطاقة والتجارة، ناهيك عن العواقب الجيوسياسية، وكان الجميع يتنافسون مع بعضهم البعض وراء الكواليس على النفوذ وفق تعبيرها.

البعثة الأممية في ليبيا.. ورقة مساومة

وأكدت الخبيرة “أماندا كادليك”، أن العديد من المراقبين الليبيين الذين عملوا بمشاريع القرارات الذي تقوده المملكة المتحدة، كانوا متفقين على المضي في التصويت واعتماد مشاريع القرارات أمرًا لا يحتاج إلى تفكير، وقالت إن الأعضاء الخمسة الدائمين وجهوا اللوم بالإجماع إلى هجوم حفتر على العاصمة طرابلس، وكان من الممكن أن يغيروا تصوره وحساباته وكذلك مسار الحرب المحتمل.

وأشارت الخبيرة الأممية إلى أن الانتخابات الليبية أُلغيت وسط بيئة سياسية فوضوية وغير مستقرة إلى حد كبير كما ظهر وجود بعثة الأمم المتحدة كورقة مساومة بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، وأكدت أنه بالرغم من أن الدور البديل لمستشار الأمم المتحدة من قبل ممثل الولايات المتحدة كان أفضل من لا شيء، إلا أنه كان بمثابة حل مؤقت يفشل في معالجة المشاكل الأساسية وهو ما يعرض للخطر بشكل أكبر مصداقية البعثة.

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة