فرنسا انخدعت بحفتر.. باريس لديها كل الأسباب لتعض أصابعها ندما

نشرت صحيفة اللوموند الفرنسية مقالا ناقشت فيه نتائج التعويل الفرنسي على خليفة حفتر في ليبيا كجزء من استراجيتها العامة تجاه إفريقا, خصوصا بعد الأحداث الأخيرة في تشاد.
واستهلت الصحيفة المقال بالتساؤل عن إمكانية أن تغير خيبة الأمل في تشاد نظرة باريس إلى المسرح الليبي؟ وهل ستساهم في إعادة تقييمها لخليفة حفتر الذي كانت تعتبره الحارس المفترض لحدود ليبيا الجنوبية، التي انطلق منها هجوم المتمردين التشاديين وأودى بحياة الرئيس التشادي إدريس ديبي؟

باريس انخدعت بحفتر

وتقول الصحيفة إن حفتر كان رهانا استراتيجيا بالنسبة لباريس, كما تدل على ذلك المساعدات الأمنية والدبلوماسية والسياسية المقدمة له، التي كانت مبعث قلق للشركاء الأوروبيين لباريس ومثيرة للتوتر داخل المؤسسة الفرنسية نفسها, مشيرة إلى أنه لم يكن خافيا على أحد أن فرنسا قد استثمرت بكثافة بحفتر الذي نصب نفسه رئيسا لما يسمى بالجيش الوطني الليبي.

وأوضحت أن باريس كانت تهدف إلى إعطاء الفرصة للرجل, ومن وراء ستار محاربة الإرهاب, لإحلال الاستقرار في ليبيا التي قالت إنها تعيش فوضى ما بعد الربيع العربي. وذلك لخلق طوق أمان في الجنوب لعملية “برخان” التي تقوم بها فرنسا في منطقة الساحل؛ مشيرة إلى أن قول غسان سلامة، عندما كان رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إن “رؤية فرنسا إقليمية أكثر منها ليبية”.

واعتبرت لوموند أن الاضطرابات التشادية الأخيرة جاءت على عكس توقعات باريس، وتبين منها أن التعويل على حفتر كان من باب الانخداع، إذ لم يقتصر الأمر على عدم قيام “حارس الحدود” بإيقاف عمليات التسلل القادمة من ليبيا، بل إن المجموعة المتمردة “جبهة التناوب والوفاق” التي وجهت الضربة القاتلة للرئيس ديبي، كانت من ضمن التحالف العسكري غير المتجانس الذي يحيط بحفتر الذي جند بسخاء “مرتزقة” تشاديين وسودانيين (من دارفور)، ناهيك عن مقاتلي فاغنر الروس الذين وضعتهم موسكو في خدمته.

سيطرت حفتر الوهمية

وذهبت الصحيفة إلى أن عدم قدرة حفتر على منع أتباعه التشاديين من مهاجمة الرئيس التشادي ديبي، كشف الكثير عن حقيقة سيطرته على جنوب ليبيا، إذ يقول مسؤول سابق في الأمم المتحدة إن “وجود حفتر في فزان ليس خطا متصلا، إنه مجموعة من النقاط”، ومع ذلك وصفت فرنسا مرارا موقع حفتر في المعادلة السياسية بأنه “لا مفر منه” بحجة أنه يسيطر على “80% من الأراضي الليبية”، ورأت الصحيفة أن ذلك مبالغة في تقدير قدرة هذا اللواء على الاحتفاظ بإقطاعاته وحلفائه.

ووفقا للوموند فإن حقيقة أن جبهة التناوب والوفاق التشادية جاءت من صفوف حفتر لا يعني أن اللواء المتقاعد رعى أو وافق على الهجوم على ديبي الذي كانت تربطه به صداقة ظاهرية تحت عنوان “الحرب المشتركة على الإرهاب”، وهو تواطؤ استراتيجي شجعته بقوة فرنسا الحريصة على تعزيز عملية “برخان”، ناهيك عن أن حفتر لم يكن لديه أي سبب موضوعي لمهاجمة ديبي من خلال أولئك المرتزقة.

وتساءلت الصحيفة عن الذي تبقى من رهان فرنسا الاستراتيجي على حفتر، إذا تم أخذ الخطر الجهادي كمعيار، على اعتبار أن حفتر كان “فعالا” -حسب مسؤول أمني فرنسي سابق- ضد تنظيم الدولة الإسلامية في بنغازي، حيث قصف عشوائيا أحياء كاملة تعج بالسكان، في وقت زودته فيه فرنسا بخبرة فنية لا تقدر بثمن في المسائل الاستخباراتية، استفاد منها لتغذية طموحاته من أجل غزو أكثر شمولا لليبيا.

خيبة المصالح الفرنسية

وتقول الصحيفة إن الهجوم الذي شنه حفتر في ربيع عام 2019 على الحكومة الليبية في طرابلس بقيادة فايز السراج حينها، والمدعومة رسميا من قبل الأمم المتحدة، لم يكن له سوى نتيجة ملموسة واحدة، وهي أنه إلى جانب الكارثة الإنسانية، فتح الباب واسعا لدخول الأجانب، حيث وصل مقاتلون روس تابعون لفاغنر إلى جانب حفتر، وجنود أتراك إلى جانب حكومة طرابلس.

لكل ذلك, ترى الصحيفة أن لدى باريس كل الأسباب لعض أصابعها ندما، لأن إقامة شبه سيادة جديدة في غرب ليبيا على الحدود مع تونس يحبط علانية المصالح الفرنسية في البحر الأبيض المتوسط، كما أن قبول التعامل مع لعبة مقاتلي فاغنر، هو الآخر محفوف بالشكوك.

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة