مداخلة حفتر يرفضون الانتخابات ويكفرون الأقليات ويتوعّدون المجتمع الدولي

بعدما أُخليت المؤسسات الدينية في برقة إلا من أتباع التنظيم المدخلي المتطرّف المدعوم من المخابرات السعودية، باتت دعوات الغلوّ والتحريض والتكفير الخطاب الأبرز في المنطقة.
وعند الحديث عن أصحاب هذه الدعوات تطفو أسماء عدّة على الساحة من بينها أشرف الميار قائد كتيبة التوحيد المدخلية المتحالف منذ عام 2014 مع خليفة حفتر آمر ميليشيات الكرامة بعدما منحه رتبة رائد.

الوليّ الشرعيّ

أشرف الميار يعلن رفضه “التفويض الشعبي”

هذا التحالف لا يبدو أنه في أحسن أحواله الآن، فبعد مرور ست سنوات، خرج الميّار في مقطع مرئي معلنا رفضه “التفويض الشعبي” الذي نصّب به حفتر نفسه حاكما على البلاد وأسقط به الاتفاق السياسي الليبي، في خطوة اعتبرها مراقبون أنها انقلاب على مجلس النواب في طبرق وإطاحته من معادلة الحكم في برقة.
الزعيم المدخلي أعلن ولاءه لعقيلة صالح رئيس مجلس نواب طبرق، واصفا الخروج عليه بالغدر، كما أشاد بالمبادرة الأخيرة التي أطلقها صالح حول تشكيل مجلس رئاسي جديد من أقاليم ليبيا الثلاثة.

قيادات المداخلة

يعمل تنظيم المداخلة المتطرّف بطريقة تشبه تلك التي يعمل بها تنظيم الدولة، يعين في كل منطقة ممثلا له ويقسم ليبيا إلى مناطق ثلاث، فمثلما أن الميّار هو مرجعية المداخلة شرقا فإن مرجعيتهم في المنطقة الوسطى هو مجدي حفالة المكنّى بـ “أبومصعب”.


أما غربا فإن المرجعية لطارق درمان المكنّى “أبوالخطاب” وهو أشهر القيادات وأكثرها تشدّدا، لا يتوقف عن دعوة أتباعه إلى الجهاد ضد الحكومة الشرعية ولا يتردّد عن هدر دماء مخالفيه.
يتحدثون جميعا بلهجة أشبه باللهجة السعودية، في محاولة لتقليد قياداتهم هُناك الذين يتبعون إمامهم ربيع المدخلي وهو شيخ سعودي تدعمه سلطات بلاده وتمول أتباعه في ليبيا ودول أخرى، للدعوة إلى عدم الخروج على الحكام المستبدين وشيطنة ثورات الربيع العربي، حتى إنهم قالوا “لو خرج الحاكم على التلفزيون مباشرة يزني ويشرب الخمر لنصف ساعة إن كنت أمامه فأنكر عليه ولو بصوت مرتفع، أما إن كنت خلفه فلا تذكر اسمه ولا تنكر عليه بطريقة تحرض عليه”.

غطاء ديني

طوال السنوات الماضية كان أتباع التنظيم المدخلي في ليبيا يعيشون مع حفتر علاقة أشبه بزواج المصلحة، يهيئ لهم هو المنابر لنشر فكرهم، ويقاتلون هم معه ويدعون له في المساجد ويحثون الناس على طاعته.
ولا تبدو ثمة رغبة حقيقية للتنظيم المدخلي في فضّ العلاقة مع ساكن مرتفعات الرجمة بقدر محاولتهم إخضاعه لسيطرة صالح، تبيّن ذلك في محاولة أشرف الميار في كلمته الأخيرة إضفاء الصبغة الدينية على الدعم الخارجي الذي يتلقاه حفتر، حتى أنه نسخ آراء من سبقه من قادة التنظيم فيما يتعلق بتحريم الاستعانة بالكافر.

محاولة أشرف الميار في كلمته الأخيرة إضفاء الصبغة الدينية على الدعم الخارجي الذي يتلقاه حفتر


حتى أن الرجل بالغ كثيرا حين وصف استعانة حفتر بالداعمين الغربيين والعرب، وتركه الحبل على الغارب لهم في ليبيا بالحكمة والحنكة حتى لا تسيطر دولة بعينها على البلاد ولا تفرض عليها شروطا أو إملاءات، متناسيا أن مصالح أغلب الداعمين واحدة.

استباحة المخالف

وعُرف عن المداخلة الطاعة حدّ الإذعان لولي الأمر، وإن اشتد ظلمه، ولذلك استعان بهم الراحل معمر القذافي قبل سقوط نظامه، وهم يتبعون دائما الولي المتغلب ولذلك يُعرفون بأنهم علماء السلاطين.
كما عُرف عنهم استباحتهم دماء كل من يخالفهم، فقتل أتباعهم المشايخ الذين يتبعون دار الإفتاء الليبية ذات المرجعية المالكية، ومن على منابرهم أثاروا التوتر الطائفي في ليبيا من خلال تدمير المزارات الصوفية منذ عام 2012 ووَصْفِهم أتباع المذهب الإباضي الذين جلّهم الأمازيغ بالخوارج والزنادقة.

وصف أتباع المذهب الإباضي الذين جلّهم الأمازيغ بالخوارج والزنادقة

بيعة لا انتخابات

بطريقة أعادت إلى الأذهان خطابات زعماء تنظيم الدولة الإرهابي، يتحدّث الميّار باللهجة ذاتها ويدعو إلى سلب الليبيين حقّ الانتخاب الذي اكتسبوه بعد ثورة فبراير مطالبا بترجيح البيعة.
لا تختلف رؤية حفالة ولا كبيرهم درمان عن الميار فيما يتعلق بالانتخابات، ففي منهج تنظيم المداخلة لا تلزم البيعة جميع المواطنين، بل تقتصر على أشخاص بعينهم من الوجهاء، وهو ما يهدّد مستقبل الدولة المدنية والحياة الديمقراطية في ليبيا في حال سيطرة ميليشيات حفتر عليها.

الميليشيات المدخلية

يستعين حفتر بتشكيلات تتبع التنظيم المدخلي المتطرف، ومن أبرزها كتيبة مجموعة الخمسين المدخلية بقيادة المطلوب دوليا محمود الورفلي، وكتيبتا التوحيد 210 وطارق بن زياد اللتان تضمان متشددين من التنظيم.
كما تشمل الميليشيات المدخلية أيضا كتيبة العاديات من مدينة الزنتان، وسبل السلام من مدينة الكفرة وقوة الردع بأجدابيا، فضلا عن مباحث صرمان وكتيبة الوادي بصبراتة اللتين طرُدتا من المدينتين عقب سيطرة قوات الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق الوطني عليهما.


وكل هذه الكتائب متهمة بارتكاب جرائم حرب كما أن هناك مقاطع مصورة لقادتها وهم يحثون المقاتلين التابعين لهم على إعدام الأسرى باسم الدين.
أما في مناطق سيطرة الحكومة الشرعيّة، يعيش المداخلة حالة من الصمت وبات وضعهم مهدّدا ورهينا لما سيؤول إليه مصير حفتر، فقد شهدت مدن عدة أبرزها الزاوية وغريان والخمس وصبراته وصرمان حراكا شعبيّا ضدهم أفضى إلى طردهم من المقار التابعة لوزارة الأوقاف في المدن المذكورة.

حرب الماسونية

يحمل المداخلة عداءً شديدًا للمجتمع الدولي وقبله المؤسسات المدنية في ليبيا ويصفونهم بالماسونية، فلا أثر لهذه المؤسسات في أغلب المدن التي يسيطرون عليها مع حفتر، وقد شهدت مواقع سيطرتهم عمليات قبض على ناشطين مدنيّين.
وفي آخر مقطع مصوّر له ذكر أشرف الميّار كلمة الماسونية ثلاثة عشرة مرّة، ورمى بها الأمم المتحدة ومؤسساتها الذين وصفهم باليد الخفية التي تحكم العالم.

ذكر أشرف الميّار كلمة الماسونية ثلاثة عشرة مرّة، ورمى بها الأمم المتحدة ومؤسساتها الذين وصفهم باليد الخفية التي تحكم العالم.


ولم يتوقف القيادي المدخلي عند هذا الحد، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين قال إنهم مع حفتر يحاربون كل هؤلاء “الماسونيين” وأنهم يعتبرونهم جزءا من المواجهات.
ما يُصرّح به قيادات المداخلة وأفعالهم على الأرض كشفت في مجملها عن الوجه الحقيقي لهذا التنظيم المتشدّد الذي بات يشكل خطرا على مستقبل ليبيا وعلى علاقاتها الخارجية، وما خفي أعظم.

أعداد فريق البحث بقناة ليبيا الأحرار

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة