خروج ماراثون الأمريكية ودخول توتال الفرنسية.. الكبار يتنافسون على النفط الليبي

أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط موافقتها على استحواذ شركة توتال على حصة ماراثون أويل ليبيا المحدودة بالمشاركة؛ والتي تمثل 16% من امتيازات الواحة؛ مؤكدة أن شركة توتال ستستثمر 650 مليون دولار في مجال التطوير لزيادة انتاج النفط الخام بقرابة 180 ألف برميل يوميا؛ إضافة إلى تخصيصها 150 مليون دولار لدعم البرامج والمشاريع المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة.

تمدد فرنسي
إتمام هذه الصفقة يقلل من حصة الشركات الأمريكية في امتيازات الواحة إلى أقل من الربع مقسمة بين شركتي كونوكو فيليبس بنسبة 16.33% ؛ وشركة هس بنسبة 8.16%؛ ويفتح المجال للعملاق الفرنسي توتال بالتمدد والسعي لزيادة القدرة التنافسية في سوق النفط الليبية الواعدة.

لماذا الآن؟
استغرق إتمام الصفقة وقتا طويلا وصاحبته مفاوضات ودراسات متنوعة؛ انطلقت هذه الصفقة في أبريل من العام الماضي ولكن المؤسسة في حينها رفضتها على أساس أنها صفقة غير شرعية وتعد خرقا لاتفاق الامتياز الموقع بين الطرفين؛ وتواصلت منذ ذلك الوقت المباحثات والمفاوضات بالتزامن مع التغير المطرد في الظروف الموضوعية المحيطة نتيجة الحروب المتصاعدة؛ إلى أن وافقت المؤسسة على إتمام هذه المعاملة بين الشركتين؛ التغير الذي حدث في هذه المدة جعل إتمامها في هذا التوقيت يثير التساؤلات عن مغزاها السياسي وعلاقتها بما يدور حاليا في كواليس السياسة الغربية من حديث حول الملف الليبي واستعدادات معلنة لجمع الدول المتداخلة في الشأن الليبي ومن بينها فرنسا في برلين خلال مطلع العام القادم.

هيمنة أمريكية
وبالعودة إلى مضمون هذه الصفقة فإن بعض المختصين يعتبرون أن التغير الذي حصل في نسب وحصص الشركات بسبب هذه الحيازة الفرنسية للحصة الأمريكية من الامتياز؛ لا يؤثر في العموم على الهيمنة الأمريكية على الاستثمارات النفطية؛ مع إقرارهم بوجود هوامش صغيرة للمناورة للشركات الأخرى تتيح لها الحركة ولكنها لا تمكنها من التجاوز بما يغير قواعد اللعبة في مناطق النفوذ.

عودة الروس
عودة شركة تات نفت الروسية إلى السوق الليبية؛ يراه مختصون أنه محدود الأهمية والأثر بالنظر إلى أن حوض غدامس وما ينتجه من نفط وغاز؛ لا يثير شهية الكبار حتى الآن؛ كما أن روح المخاطرة التي تتميز بها الشركات الروسية وعدم تهيبهم من المناطق غير المستقرة يراه البعض من أسباب هذه العودة المستغربة زمانا ومكانا؛ ويبرز هنا عامل آخر وهو بحث الروس عن مناطق نفوذ اقتصادية يضيفونها إلى ما كسبوه في قطاع النفط العراقي؛ وهو ما يجعلهم يرون الفرص في أعماق التهديد.

المستكشف من الجغرافيا الليبية حتى الآن لا يتجاوز الـ40%؛ إضافة إلى السواحل الطويلة والمياه الاقتصادية بحسب المختصين؛ الذين أوضحوا أن هذا كله مضافا إلى النفط الصخري الذي تحتل ليبيا فيه المرتبة الخامسة عالميا؛ هو ما يمثل مستقبلا نفطيا واعدا لليبيا؛ ويجعل التنافس الدولي للدخول إلى سوقه على أشده؛ ذلك التنافس قد يغير خرائط الاستحواذ على مناطق الاستكشاف وحقول الإنتاج ومصانع التكرير وموانئ التصدير بين الشركات العملاقة؛ وقد يتسبب ذلك في المزيد من الصراع الظاهر والخفي بين الكبار على زيادة نفوذهم في هذا البلد الذي يبحر وسط بحر متلاطم الأمواج؛ بحثا عن شاطئ السلامة.

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة