تفاهم أنقرة وطرابلس.. خطوة لصد العدوان فقط أم اتفاق استراتيجي

وقع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مذكرتي تفاهم في التعاون الأمني والمجال البحري عقب محادثات في مدينة إسطنبول.

المذكرتان جاءتا تتويجا لمباحثات مطولة بين ليبيا وتركيا، هذه التفاهمات وصفها مراقبون بالانعطاف التاريخي المهم محليا وإقليميا، لاسيما وأنها قد تكون انطلاقة نحو اتفاقيات قد تشمل مجالات أوسع من بينها العسكري.

حماية سيادة ليبيا
وزير الخارجية بحكومة الوفاق محمد سيالة، قال إن مذكرة التفاهم مع تركيا في المجال البحري تحدد مجالات الصلاحية البحرية في البحر المتوسط، مضيفا في مداخلة مع الأحرار أن المذكرة تعني حماية الحقوق المشروعة للطرفين في المنطقة الاقتصادية لكل منهما في ضوء اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1981، مشيرا إلى أن هذه المذكرة ستساهم في حماية السيادة الليبية بما يتعلق بالمناطق البحرية للدوليتن المتقابلتين على البحر المتوسط.

اتفاقية أمنية تدعم قوات الوفاق
من جانبه، قال وزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا، إن مذكرة التفاهم الموقعة مع تركيا تغطي جميع الجوانب الأمنية خاصة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية وتبادل المعلومات الأمنية مع الحكومة التركية وهذا جل ما تسعى إليه حكومة الوفاق في هذه المرحلة.

وأشار باشاغا في مداخلة مع قناة ليبياالأحرار إلى أن بنود المذكرة تتضمن التدريب وتبادل الخبرات وتطوير المنظومات الأمنية وجميع ما يتعلق بالتدريب الأمني، مشيرا إلى أن أهمية المذكرة تكمن في كونها إطارا لتعاون أمني كامل على غرار التعاون الأمني مع واشنطن فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، مشددا على أن مذكرة التفاهم ستكون عونا لقوات الوفاق وللشعب الليبي بأكمله، حسب تعبيره.

خطوة أولية
أوضح أستاذ القانون الدولي سامي الاطرش أن توقيع مذكرتي التفاهم البحرية والأمنية تعد خطوة نحو مراحل مقبلة ولا يمكن أن يطلق عليها اتفاقية، لكنها تعد مرحلة تفاهم متقدم نحو أي اتفاقية، وبين الأطرش أن المجلس الرئاسي يفتقد للسلطة التشريعية بمعنى دستوري صحيح ليوقع اتفاقية ولكن من حق الرئاسي في وضعه الحالي التوقيع على مثل هذه التفاهمات تمهيدا لولادة اتفاقيات تستند عليها مستقبلا، موضحا أن هذا المبدأ ينطبق حتى على مذكرة التفاهم الموقعة في المجال البحري.

مصالح مشتركة
وقال الباحث في مركز سيتا للدراسات إمري كيكلي إن توقيع مثل هذه المذكرات يعد مهما للطرفيين، مضيفا أن تركيا جهزت نفسها لتطبيق بنود المذكرة من حيث التعاون لأن المفاوضات بشأنها امتدت إلى ثلاثة أشهر مضت، مشيرا في مداخلة مع ليبيا الأحرار إلى أن تركيا قادرة على دعم ليبيا من جميع النواحي بما فيها الجانب العسكري لكن بعض الأمور القانونية والفنية الراهنة هي ما تؤخر توقيع اتفاقيات في الوقت الراهن.

موقف تركي
تفاهم أمني اقتصادي بين طرابلس وأنقرة التي أثبتت دون غيرها دعم شرعية حكومة الوفاق فعلا لا قولا، وإن وصف بالتفاهم بالمتأخر فإنه جاء في خضم معركة عسكرية سياسية تخوضها قوات حكومة الوفاق في طرابلس، ما يفتح آفاقا لاتفاق أمني موسع مع تركيا بوزنها الإقليمي ومكانتها العسكرية كثاني أكبر جيش في الناتو وأحد أكبر عشرة جيوش في العالم، وهو ما قد يغير وفق مراقبين المعادلة السياسية والعسكرية ليس محليا فقط عبر توفير الإمكانيات وعلى رأسه المجال المعلوماتي بما يدعم مسار معركة الدفاع عن طرابلس، بل سيكون جيوسياسيا وإقليميا بالتحالف مع بلد قوي وفاعل في المنطقة.

علاقات تاريخية
وتمتد العلاقات الاقتصادية والسياسية بين تركيا وليبيا إلى سنوات قبل ثورة فبراير 2011 ، وتقدر قيمة المشروعات التي كانت تنفذها شركات تركية قبل ثورة فبراير والتي لم تكتمل بحوالي 18 مليار دولار بحسب مجلة رؤية التركية؛ ويقدر ما وصل منها إلى مرحلة التسليم قبل الثورة بنحو أربعة مليارات دولار تقريبا؛ وأكدت المجلة المحكمة أن قيمة الآلات المتروكة في ليبيا يقارب المليار دولار.

دور مرتقب
ويرجح أن تؤدي تركيا دورا حيويا في إعادة إنشاء البنية التحتية والفوقية في ليبيا نظرا لخبرتها في تشييد الطرق المدن والسكك الحديدية والمطارات والموانئ والوحدات السكنية والأبنية العامة، كما قد يكون لها دور عسكري داعم للمدافعين عن العاصمة في مواجهة العدوان، وهو ما تسعى حكومات البلدين إلى تعزيزه عبر عقد مزيد من الاتفاقات الاقتصادية والاستراتيجية.

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة