حفتر وحرب النفط

لم يكن حفتر بدعا من أمر من نهجوا “الحروب القذرة دون سقف أخلاقي”، فبقدر ما كان وحشيا عند استخدامه الطائرات والمدافع في قصف طرابلس وقتل المدنيين، كان أيضا جادا في تسخير مصادر العيش لإخضاع سكان العاصمة والمدافعين عنها.

النفط وقود العدوان
لم تمض أسابيع على عدوان حفتر حتى أقحم النفط في خطته للسيطرة على العاصمة، إذ طالب في اجتماعه مع الرئيس الفرنسي مايو الماضي بحصة من عوائد النفط، وحاول هو وأنصاره جلب تعاطف الغرب بالدعاية أن قواته تحرص حقول النفط وتحمي موانئ تصديره، وأن عوائده تعود إلى حكومة الوفاق فتشتري بها سلاحا لقتل جنوده.

ونجح حفتر في إقناع المبعوث الأممي غسان سلامة بموقفه، فصرح الأخير بعد عودته من الرجمة حديثا، بأن الاستقرار السياسي مرهون بتقاسم الثروة.

عجز مالي
الزج بالنفط في الحرب الدائرة على تخوم طرابلس جعل جل المراقبين يؤكدون أن دوافع الحرب لا علاقة لها بالإرهاب والمليشيات، وإنما هي لأجل السيطرة على ثروة البلاد والتحكم في عوائد النفط.

وأشار تقرير لوكالة رويترز أن حفتر يجد صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لاستكمال عمليته العسكرية، وأنه حمل الحكومة المؤقتة التزامات مالية كبيرة تعد بعشرات المليارات من الدينارات.

وأوضح تقرير للوكالة نشرته في شهر يونيو المنصرم أن حفتر يواجه أزمة مالية وأن خزائن الحكمة المؤقتة في البيضاء خاوية، ولهذا يضغط عله يتحصل عبر دعم دولي على جزء من عوائد النفط، أو يسمح له ببيع الخام الليبي في وسط البلاد وشرقها في السوق السوداء، وعبر وسطاء مصريين وإماراتيين.

تسريب النفط
ولا تستبعد مصادر رسمية شروع حفتر فعلا في بيع النفط من الحقول الخاضعة لسيطرته، بعدما أكدت المؤسسة الوطنية على لسان رئيسها مصطفى صنع الله قبل نحو شهر تعاقد الحكومة المؤقتة مع شركات مصرية وإماراتية على سعر 55 دولارا للبرميل.

ويعتقد بعض المراقبين أن حفتر قادر على تصدير 100 ألف برميل في اليوم كحد أقصى، ولا يتوقع أن تكون الكميات كبيرة، خوفا من تأثيرها في استقرار الأسواق وتعظيم السوق السوداء لبيع النفط.

لا يجد رواد الحروب القذرة ومسعروها على غرار حفتر حدا قيميا يقفون عنده، إذا فشلت طائرتهم وانتكست دبابتهم وانكسرت شوكتهم، حتى وإن كانت الضحية قوت الناس ومصادر عيشهم الحيوية من النفط أو المياه، ولا غرابة إن كانوا استرخصوا الأرواح أن يتاجروا بما دونها.

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة