مطالبات بسحب قانون الجرائم الإلكترونية على الفور وعدم تطبيقه

طالبت أكثر من 30 منظمة حقوقية ليبية وإقليمية بسحب قانون الجرائم الإلكترونية المصدّق عليه مؤخرا من مجلس النواب؛ نظرًا لكونه يحد بشكل كبير من حرية التعبير في الفضاء الرقمي، كما يسمح بالرقابة الشاملة على الجمهور والصحفيين والصحفيات، ويبيح للسلطة التنفيذية حجب المواقع والمحتوى دون إذن قضائي.

وقالت المنظمات في بيان مشترك إنّ مجلس النواب صدّق في 26 أكتوبر الماضي، على قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، في وقت استثنائي إذ من المتوقع إجراء انتخابات رئاسية يوم 24 ديسمبر، وسيكون من الضروري ضمان حرية الرأي والتعبير والصحافة، بما في ذلك في الفضاء الإلكتروني حتى يتسنى لهذه الانتخابات أن تكون حرة ونزيهة وشفافة.

وأضافت المنظمات أنه تم اعتماد مشروع القانون المقترح بعد يوم واحد فقط من طرحه في أجندة مجلس النواب، دون التشاور مع المجتمع المدني الليبي، سواء جمعيات أو منظمات أو نشطاء في المجال الرقمي أو المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، الأمر الذي دفع المنظمات لدراسة النسخة المتاحة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وبيّنت المنظمات أنّ قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الجديد يتضمن عدة مصطلحات فضفاضة وغير دقيقة، تمنح للجهات القضائية في ليبيا سلطة تقديرية واسعة للحد من حرية التعبير على الانترنت، إذ تنص المادة 4 على أن استخدام الانترنت ووسائل التقنية الحديثة يُعد “مشروعًا” شريطة احترام “النظام العام والآداب العامة”، معتبرًا أن كل استعمال فيه مخالفة لهذه المفاهيم غير الدقيقة هو أمرًا غير مشروع.

كما يعاقب القانون، بحسب المادة 37، بالسجن لمدة قد تصل إلى 15 عامًا وغرامة مالية باهظة لا تقل عن عشرة آلاف دينار ليبي، “كل من بث إشاعة أو نشر معلومات أو بيانات تهدد الأمن أو السلامة العامة في الدولة أو أي دولة أخرى”، وحذّرت المنظمات من خطورة استخدام هذه المادة لاستهداف ومعاقبة الصحفيين والصحفيات، والمدافعين عن حقوق الإنسان، أو المبلّغين عن وقائع الفساد، وغيرهم من مستخدمي الانترنت.

ونبّهت المنظمات إلى خطورة المادة 35 من القانون، التي يتضح فيها صبغته القمعية وفق قولها، إذ تقضي بحبس “كل من علم بارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون أو بالشروع فيها”، برغم المعنى العام والفضفاض للمصطلحات والنصوص الواردة فيه، وقالت إنّ كافة المواد الفضفاضة في القانون تخالف معايير حقوق الإنسان الدولية، وتحديدًا المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وفي سياق متصل، أشارت المنظمات إلى أنّ التشريع الجديد يتضمن في مادتيه 13 و47 المتعلقتين بـ”الاعتراض والتعرض” و”التنصت غير المشروع” على الترتيب، على إجراءات قد تستخدم لتبرير حجب المعلومات عن الصحفيين، أو منع تواصلهم مع المبلغين بقصد مشاركة معلومات ذات أهمية للجمهور ومتعلقة بالسلطات، وهو الأمر الذي يتنافى مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وأكّدت المنظمات أنّ القانون الجديد يحد أيضًا من إمكانية دعم واستعمال وسائل التشفير؛ إذ ينص فصله التاسع على أنه “لا يجوز لأي شخص أو جهة إنتاج أو حيازة أو توفير أو تسويق أو تصنيع أو استيراد أو تصدير وسائل التشفير دون ترخيص أو تصريح من الهيئة الوطنية لسلامة وأمن المعلومات”، الأمر الذي يهدّد السلامة والأمن الرقمي، ويحدّ بصفة هامة من تمكين المواطنين من حقهم في حماية خصوصيتهم ومعطياتهم الشخصية ومراسلاتهم على الانترنت، وضمان سريتها بعيدًا عن رقابة السلطات.

ودعت المنظمات الموقعة على البيان السلطات الليبية إلى سحب القانون على الفور وعدم تطبيقه، والعمل على صياغة قانون جديد يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتزامات ليبيا الدولية، واعتماد مبدأ الحوار والتشارك مع المجتمع المدني الليبي والمنظمات الدولية المختصة عند صياغة أي مشروع قانون يخص الحقوق والحريات الأساسية وحرية النشر والصحافة في ليبيا.

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة