تسريبات رشاوى منتدى الحوار.. التوقيت والغاية؟

داهمت تسريبات أممية المشهد الراهن، ورافق ظهورها منعطفا سياسيا حاسما، على مشارف إقرار حكومة جديدة، والمصدر الأساسي هو وكالة فرانس برس، ومعلوماتها مقتبسة عن تقرير الخبراء الأمميين، وفحواها يهدد العملية السياسية الراهنة، فالحديث هنا عن رشاوى داخل منتدى الحوار السياسي للتأثير على نتائجه الجارية الآن، لكن، ما دلالة التوقيت وأي غاية للتسريب وما تداعياته ثبوته أو انتفائه.

أثر غير محدود ونوايا مبيتة

يرى المحلل السياسي بقناة ليبيا الأحرار السنوسي بسيكري، أن التسريب يظهر فعلا أن هناك دافعا سياسيا، وأن من سرب هذه المعلومة يدرك أن أثرها قد لا يكون محدودا على المسار السياسي بشكل عام، خصوصا أن المسار السياسي يواجه أزمة المصادقة على الحكومة، والخلافات القائمة بين البرلمان، وإمكانية أن تحال الحكومة إلى ملتقى الحوار السياسي وفق مقرراته.

من جهته يرى الكاتب والصحفي عبد الله الكبير أن التسريب يخفي نوايا سياسية مبيتة من طرف دولي وربما أطراف إقليمية تريد أن تؤثر على العملية السياسية الجارية الآن.

ويفصل البسيكري بدروه أن الرقم في التسريب له دوافعه وأغراضه بينها عرقلة المسار السياسي ورمي حجر في ماء المسار السياسي المستقر لقلب الطاولة وفرض ربما مسار جديد في التدافع السياسي الحالي.

ويذكر البسيكري أن هذا التسريب يضع سدا جديدا أمام الحكومة يضاف إلى العقبات التي واجهتها في دوائر البرلمان، وسيكون هناك أثر سلبي ربما غير محدود على المسار السياسي والمصادقة على الحكومة.

لماذا الآن

ويعتقد المحلل البسيكري أن الإشكال في توقيت هذا التسريب وفي تأثيره على اتجاه المسار السياسي في مراحله الأخيرة، وبالذات وبالتحديد إزاء التئام البرلمان في المصادقة على الحكومة أو في حال فشل المصادقة عليها من قبل منتدى الحوار السياسي.

وأضاف في مداخلته بتغطية ليبيا الأحرار أن هذا يضع عبئا إضافيا، وعوائق جديدة ويمنح حجة لدى البعض المعرقل تضاف إلى أسباب ومبررات وحجج أخرى ليستمر في عرقلة المسار السياسي من خلال تأخير الاعتماد والمصادقة على الحكومة، وهذا هو الأثر السلبي لمثل هذا التسريب.

ونادى الكبير بفصل المسار القانوني عن المسار السياسي “لأن هذا التسريب في هذا التوقيت يوحي بأن هناك من يسعى لتخريب العملية السياسية الجارية الآن”.

بينما يقول المحلل السياسي عبد السلام الراجحي في مداخلته بالتغطية نفسها إن هذا هو الموعد الاعتيادي لنشر تقارير خبراء مجلس الأمن وأنه دائما يكون في نهاية فبراير بداية مارس من كل عام منذ 2011 لأن قراري مجلس الأمن الذي أنشأ عليهما لجنة خبراء مجلس الأمن 1970 و1973 صدرا في نهاية فبراير وفي 17 مارس 2011، “فالموعد طبيعي جدا”.

إمكانية التأثير على الخبراء

ويقول المحلل السياسي بسيكري أن لجنة الخبراء يؤدون عملهم بدرجة عالية من المهنية، لكن هذا لا يمنع أن يكون هناك إمكانية للتأثير على عمل لجنة الخبراء، ليس بهذه الجزئية فقط، بل في غيرها من المسائل الشائكة والمعقدة، وهذا احتمال ولا أقول إنه قد وقع، وفق البسيكري.

وواصل أن النقطة الأهم من ذلك هي كيف يقع التسريب؟ فالتقرير لم يصل إلى مجلس الأمن ولم تتداوله الجهات المعنية أي الأمم المتحدة نفسها، لتقيّم هذا التقرير، “إذا التسريب قد يكون وقع من بين الأعضاء، ومن خلال علاقة معينة وتوجيه معين”.

التداعيات.. من العقوبات إلى الانهيار

بينما يرى الراجحي أنه من المفترض أن ينتج عن مجلس الأمن عقوبات على المتورطين في حال ثبوتها يقول الكبير إن ثبوت هذه المعلومات يعني انهيار العملية برمتها.

وتابع الصحفي والكاتب عبد الله الكبير أنه يجب أن يفصل في هذا الموضوع بعيدا عن العملية السياسية الجارية الآن “وإذا ثبت أن هناك رشاوى وأن الحكومة الحالية وصلت بالرشاوى إذًا لا بد من نسف هذه العملية برمتها والذهاب إلى الانتخابات لحسم هذا الصراع السياسي”.

ويفصل بسيكري أن الإشكال في أن التسريب ركز على العدد وهو ثلاثة أشخاص تلقوا رشاوى “وهذا الرقم إشكالية رئيسية قد يربك المسار السياسي ويدخله في دهليز التأزيم لأن رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح خسرت قائمته في منتدى الحوار السياسي بفارق أصوات واضح 39 مقابل 34”.

وزاد المحلل السياسي البسيكري أن هؤلاء الأشخاص الثلاثة يمكن توظيفهم حتى وإن لم يكونوا لصالح عقيلة صالح لكن يمكن أن “يقال إن هؤلاء الثلاثة كان يمكن أن يصوتوا لنا لكن أنتم اشتريتموهم فصوتوا للقائمة الثانية، إذًا هناك إمكانية أن نكون نحن الفائزين، وهذا الرقم سيكون ذريعة محاججة إن أرادوا أن يربكوا المشهد السياسي ويعرقلوا الحكومة ويدفعوا إلى إعادة الانتخابات والاقتراع من جديد في ملتقى الحوار السياسي”.

وأكد الكبير من جهته أنه رغم التقارير فإنه لابد من الفصل القضائي بهذا الموضوع لأنه خطير جدا “فثبوت أن هناك رشاوى ينسف العلمية برمتها لأنها غير نزيهة”.

حوادث مشابهة

ويلفت الكبير إلى وقوع حوادث مشابهة سابقا عندما سربت من التقرير الأخير أجزاء إلى أكثر من وكالة وصحيفة منها واشنطن بوست ونيويورك تايمز وبعض الصحف البريطانية “وكلها تحدثت عن وجود مرتزقة فاغنر وتلك كانت أول مرة تتحدث الأمم المتحدة فيها وتقر بوجود فاغنر بليبيا”.

وتابع الصحفي والكاتب أن المندوب الروسي في مجلس الأمن أحرج واحتج كثيرا على التسريب وهو حينها واضح أن له أهداف سياسية معينة تتعلق بصراع الدول الغربية مع روسيا؟

وزاد الكبير أننا الآن في حالة مشابهة، إذ وعدت وليامز بالتحقيق في الموضوع وأحالته إلى لجنة الخبراء وبقية الوعد لأعضاء ملقتى الحوار بأنهم أول من سيعرض عليهم التقرير “لأنهم كلهم في دائرة الاتهام فالأسماء لم تكشف”.

وأوضح أن لجنة العقوبات ستحيله إلى مجلس الأمن يوم 15 مارس المقبل وعندها يقرر نشره من عدمه لافتا إلى أن التقرير ملحق سري يتعلق بتهم الرشاوى في حوار الملتقى السياسي الليبي.

بداية القضية إعلاميا

ويقطع المحللون الثلاثة بأن الجديد ليس في المعلومات فمن الثابت –يقول بسيكري- أن هناك مناورات ومحاولات لشراء بعض الأصوات، وقد تحدثت عن ذلك فعلا المبعوثة الأممية ستيفاني وليامز.

من جانبه أفاد الراجحي أن القضية بدأت عندما خرج -مدير ومالك شبكة الوسط الصحفية الإلكترونية والقناة التلفزيونية محمود شمام الذي يعتبر الصحفي الوحيد الذي كان موجودا في الفندق الذي تنعقد به الاجتماعات من غير الليبيين وأعضاء ملتقى الحوار الليبي في استثناء من البعثة الأممية- وتحدث في ذلك الوقت عن هذه المعلومات.

وأردف أن الموضوع تحرك وأن هناك تسع منظمات ليبية تقدمت إلى مكتب النائب العام عبر مكتب محاماة في 23 نوفمبر لفتح تحقيق في هذه القضية.

وزاد أن الدبيبة رفع قضية ضد بعض القنوات والمحللين السياسيين الذين يخرجون على القنوات والذين اتهموه في هذه القضية، “والآن هذه القضية ليست جديدة وهي منظورة لدى مكتب النائب العام منذ نوفمبر الماضي، وننتظر نتائج تحقيقات النائب العام”.

ويعلق الكبير أن الموضوع ليس بجديد إذ ظهر في تونس بنوفمبر الماضي وتحدثت فيه المبعوثة الأممية بالإنابة، “عندها هناك من أعضاء منتدى الحوار من طالب بفتح تحقيق وإبعاد من تطالهم الشبهات لأنه لا يحق لهم تقرير مصير الشعب الليبي حتى تثبت براءتهم”.

التريث

ويضيف الكبير أن فرانس برس لا شك أنها وكالة أنباء عالمية محترمة من أكبر وكالات الأنباء في العالم وذات مصداقية عالية ولكن التسريب الذي صدر عنها بخصوص هذه الرشاوى بمنتدى الحوار السياسي لا يغني عن مطالعة التقرير.

وحث الكاتب والصحفي على مطالع التقرير بكل تفاصيله و”حتى الآن من خلال هذا التسريب والتقرير وإذا نشر واطلعنا عليه فإنه يبقى كل هذا في إطار الاتهام”، وأشار إلى أن تقارير الخبراء دقيقة جدا وذات مصداقية عالية ولكن هذا لا يعني أنها قرآن منزل فقد تحصل فيها بعض الأخطاء ويصححونها في اليوم التالي لكن يمكن الاعتماد عليها كوثيقة تفيد في التحقيقات القانونية.

Total
0
Shares
مقالات ذات صلة