يتواصل إغلاق الطريق الساحلي، بعدما كان متوقعا فتحها الأحد، وأما الأسباب فهي متفاوتة، وعلى رأسها مليشيات حفتر، وسط مفاوضات سارية بهذا الصدد، يقابلها مشروع غير مكتمل لإزالة الألغام، وحراك عسكري مشبوه للمرتزقة في مناطق نفوذ حفتر، بل حتى في سرت مقر الجلسة البرلمانية، وفق تسجيلات مرئية، إلى جانب مطالب لعسكريين تابعين للوفاق بضمانات عدم تكرر العدوان، ولكن أيُّ هذه الأسباب هي الأكثر مسؤولية عن تواصل الإغلاق؟
نواب خلف البوابة
أبدت مليشيات حفتر نوايا لا تتوافق مع التسويات الأخيرة، عندما منعت بـ7 مارس نوابا من المرور عبر بوابة سرت من أجل حضور جلسة البرلمان للتصويت على منح الثقة المقررة في المدينة، وفق تصريح الناطق باسم غرفة عمليات سرت الجفرة العميد عبد الهادي دراه.
وصرح دراه للأحرار، بأنهم توجهو الأحد صحبة فرق الهندسة العسكرية إلى البوابة لفتحها، إلا أنهم فوجئوا برفض مليشيات حفتر، متعللين بعدم تلقيهم أوامر بذلك، وبأن الطريق مازال غير مؤمن من الألغام بحسب زعمهم، مشيرا إلى أن الطرف الآخر مازال كعادته لا يريد استقرار ليبيا، بل يريد الوصول إلى السلطة فقط، بحسب قوله.
حراك مشبوه
ووسط مخاوف من تكرار سيناريو غدامس بـ2019، ومطالبات من عسكريين في قوات الوفاق بضمانات لعدم تكرر العدوان مقابل فتح الطريق الساحلي، برزت الأيام الأخيرة تسجيلات مرئية تداولتها منصات التواصل الاجتماعي تظهر نشاطا لحفتر ومرتزقته في عدة مناطق على رأسها سرت وهون فضلا عن حراك أقصى الشرق الليبي وصفته عملية بركان الغضب بأنه يتعارض مع اتفاق وقف إطلاق النار بأكتوبر الماضي.
ونشرت العملية في 7 مارس مشاهد التقطها ناشطون في مرسى مطروح تُظهر توجّه ناقلة تحمل آليات عسكرية ومدرعات إلى طبرق قادمة من مصر دعماً لمليشيات حفتر، كما نشر مركز بركان الغضب صورا تظهر عددا من مرتزقة الجنجاويد يتجولون قرب المجمعات الإدارية وسط مدينة هون، إلى جانب فيديو متداول بـ3 مارس لجنجاويد في منطقة أبوهادي بسرت.
وأفادت العملية أيضا في 5 مارس الجاري بأنها رصدت 41 رحلة لطيران أجنحة الشام السورية، تقل مرتزقة من سوريا إلى حفتر، منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر الماضي وآخرها في 3 مارس من مطاري دمشق وقاعدة حميميم الروسية في اللاذقية إلى مطار بنينا في بنغازي، أو قاعدة الخادم الإماراتية جنوب المرج.
ألغام الساحلي
ويبدو أن زيارة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة إلى منطقة أبوقرين من أجل فتح الطريق الأحد لم تسفر عن نتائج، بل إن مليشيات حفتر تذرعت بالألغام لإغلاق الطريق أمام النواب.
ولم تعلن مليشيات حفتر عن انتهائهم من أي أعمال تتعلق بإزالة الألغام، وفي المقابل كشف السبت عضو باللجنة الفنية المسؤولة عن ملف الألغام بلجنة 5+5 العسكرية محمد الترجمان، عن إزالة 5 أطنان من الألغام ومخلفات الحرب على مرحلتين، لافتا إلى أن ما تبقى لهم هو السواتر الترابية ما بعد منطقة بويرات الحسون حتى حوش الستين وهي النقطة الفاصلة بين قواتهم ومليشيات حفتر، وأن ما بعد هذه المنطقة هي مسؤولية الطرف الآخر.
وأعلن الترجمان، الانتهاء من المرحلة الأولى من أعمال إزالة أطنان من الألغام وتهيئة الطريق الساحلي في المنطقة من بويرات الحسون حتى بوقرين، وكان من المتوقع أن الفرق الهندسية لنزع الألغام ستكثف نشاطها تمهيدا لعقد جلسة مجلس النواب في سرت، ومنح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية، وفق آمر غرفة عمليات سرت الجفرة، الذي أكد قبل يومين أن فتح الطريق يستلزم ترتيبات أمنية مشددة.
وأمام هذه المعطيات لا يلوح في القريب تاريخ محدد لفتح الطريق غير أن الواضح أن نوايا مليشيات حفتر وصلت حد منع نواب عن الوفاء بالتزام رسمي في حدث مرتقب محليا ودوليا وفق معلومات ناطق غرفة سرت والجفرة إلى جانب حراك المرتزقة الذي أكد عضو بلجنة 5+5 الشهر الماضي سيطرتهم على المدينة قبل الإعلان لاحقا أن جلسة مجلس النواب فيها آمنة، وحتى ظهور بوادر جديدة تبقى هذه الخطوة من أثقل الأعباء أمام رأب صدع الوطن الواحد.