بعد أكثر من أسبوعين على المجزرة التي ارتكبتها قوات حفتر بمدينة مرزق، وما صاحبها من اشتباكات مسلحة بين مكوني العرب والتبو بالمدينة، إلى جانب تردي الأوضاع الإنسانية والخدمية، تستمر جهود وفد المصالحة لإيقاف الاقتتال ونزع فتيل الأزمة.
ترحيب من طرف واحد
وتوصل وفد المصالحة المشكل من أعيان وحكماء المنطقة الغربية إلى اتفاق مع مشايخ وأعيان من قبائل التبو بمرزق، على مبدأ التعايش السلمي بين جميع المكونات في المدينة.
وطالب وفد المصالحة بدخول قوة محايدة مقبولة من الطرفين لبسط الأمن بالمدينة، إلى جانب ضرورة ضمان عودة النازحين من الطرفين دون قيد أو شرط، والمحافظة على الممتلكات العامة والخاصة.
وكانت مدينة مرزق قد تعرضت قبل أسبوع من الاشتباكات لغارات جوية، تبنتها قوات حفتر في الرابع من أغسطس، وراح ضحية الحادثة أكثر من 40 مدنيا، ولاقت هذه الحادثة إدانات محلية ودولية عدة.
الأهالي يرفضون
في المقابل، رفض مكون الأهالي بمدينة مرزق مقابلة وفد المصالحة، معللين ذلك بأن الأمر مرتبط بموافقة قوات حفتر على ذلك، وفق نص بيان وفد المصالحة.
من جهته، قال عضو اللجنة الاجتماعية بالزنتان الهادي السني، إن وفد قبائل التبو بمرزق رحبوا بجهود لجنة المصالحة لإيقاف القتال بالمدينة ورأب الصدع، مضيفا أن الأهالي رفضوا لقاء اللجنة ويصرون على دخول قوة من خارج المدينة لحسم الصراع، بحسب قوله.
جهود أخرى لرأب الصدع
وبالتوازي مع جهود أعيان وحكماء المنطقة الغربية، شهدت بلدية وادي البوانيس الثلاثاء اجتماعا موسعا ضم عددا من عمداء بلديات المنطقة الجنوبية والحكماء والأعيان وعددا من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني، لمناقشة كيفية تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة والعاجلة للعائلات النازحة وإمكانية إيوائهم، وسبل وقف إطلاق النار بمرزق.
وجرى الاتفاق في نهاية الاجتماع على تشكيل لجان تتولى استقبال العائلات النازحة وتقديم المساعدات لها، وتشكيل وفد من حكماء وأعيان المنطقة الجنوبية للتدخل ووقف الاشتباكات بمنطقة مرزق، إضافة إلى التواصل مع البعثة الأممية للتدخل السريع لفض الاشتباكات بالمدينة.
وقتل جراء الاشتباكات المتصاعدة منذ تجددها مطلع الشهر الجاري أكثر من 90 شخصا وجرح نحو 200 آخرين، وبلغت أعداد النازحين أكثر من 1285 أسرة داخل مرزق إلى المناطق المجاورة، وفق آخر إحصاءات تقارير الأمم المتحدة.
ووسط هذه التداعيات، يرى مراقبون ومتابعون أن ما تتعرض له مدينة مرزق من انتهاكات ممنهجة من قبل قوات حفتر، سيدفع المنطقة نحو انزلاق خطير يؤدي إلى شرخ في النسيج الاجتماعي، يحتاج سنوات عدة لإعادة ترميمه، ويكون السكان المدنيون هم ضحيته، ليبقى التساؤل إلى متى سيبقى جنوب البلاد ساحة لصراعات سياسية قبلية ضحيتها المواطن البسيط.