تعيش العاصمة طرابلس منذ يوم أمس فصلاً جديدًا من فصول التوتر والتصعيد، عقب سلسلة قرارات أمنية أصدرها رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، تلتها احتجاجات، واندلاع اشتباكات مسلحة في مناطق متفرقة من المدينة.
إذ أعلن الدبيبة حزمة إجراءات “حازمة” لإعادة تنظيم جهاز الشرطة القضائية، كان أبرزها إلغاء إدارة العمليات والأمن القضائي من هيكل الجهاز، مؤكدًا أن المهام الأمنية ستكون حصرًا على المؤسسات النظامية، في خطوة تستهدف إنهاء ما وصفه بـ”الفوضى والتجاوزات”.
كما شكّل لجنة برئاسة وزير الداخلية عماد الطرابلسي لمتابعة أوضاع السجون ومراكز الاحتجاز، ومنحها صلاحيات الدخول إلى كافة المراكز، مع تكليفها برفع تقرير مفصل لرئاسة الوزراء خلال أسبوع يتضمن مراجعة قانونية التوقيفات وضمان تنفيذ أوامر النيابة، ورصد الموقوفين دون سند قانوني.
بالتزامن، أصدر الدبيبة قرارًا بحل جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، وإنشاء إدارة جديدة داخل وزارة الداخلية تتولى مهامه تحت اسم “الإدارة العامة لمكافحة الهجرة”.
وفي اجتماع لاحق مع مسؤولين عسكريين وأمنيين، شدد رئيس الحكومة على ضرورة خضوع جميع المعسكرات والمنشآت العسكرية حصراً لوزارة الدفاع، مشيرًا إلى ضرورة فرض الانضباط المؤسسي على التشكيلات العسكرية.
لكن هذه الخطوات أثارت حفيظة مكونات في بلدية سوق الجمعة، الذين اعتبروا القرارات موجهة بشكل انتقائي ضد تشكيلات طرابلس، مطالبين بتطبيقها على كافة المدن الليبية دون استثناء، ورفضوا ما وصفوه بـ”استغلال النفوذ التنفيذي لتصفية حسابات سياسية”، محذرين من إعادة إنتاج الفوضى.
في أعقاب ذلك، اندلعت اشتباكات مسلحة مفاجئة في العاصمة، واتسعت رقعتها تدريجيًا، ما دفع الهلال الأحمر إلى إعلان حالة الطوارئ ورفع درجة التأهب، بينما أوقِفت الرحلات الجوية من مطار معيتيقة وحُوّلت إلى مطار مصراتة، مع تعليق الدراسة والامتحانات في جامعة طرابلس وعدد من البلديات التعليمية.
على الصعيد السياسي، عقد رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي اجتماعًا مع وفد من سوق الجمعة ضم نوابًا وشخصيات محلية، أعربوا عن رفضهم لما وصفوه بتسييس الأمن، مشددين على أن سيادة القانون لا يجب أن تكون أداة انتقائية.
دوليًا، عبرت بعثة الأمم المتحدة عن قلقها العميق إزاء تصاعد العنف، مطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، في حين دعت الخارجية المصرية كافة الأطراف إلى تغليب صوت العقل وإنهاء التصعيد.
وسط هذه التطورات، أعلنت وزارة الدفاع بدء تنفيذ وقف إطلاق النار، واتخذت إجراءات لضمان التهدئة، أبرزها نشر وحدات محايدة في نقاط التماس، وأكدت أن تعاملها مع الأحداث جاء في إطار الواجب الوطني وحماية النظام العام.
كما شدد المجلس الرئاسي على ضرورة وقف الاشتباكات فورًا، ومنع استخدام السلاح داخل المناطق المدنية، داعيًا جميع الأطراف إلى الاحتكام للحوار وتغليب مصلحة الوطن.
من جانبها، دعت وزارة الصحة أجهزة الإسعاف والدعم الطبي إلى مباشرة أعمالهم بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
المصدر: ليبيا الأحرار