رجح تقرير لوكالة “نوفا” الإيطالية أن ليبيا تسير ببطء لتكون ساحة مواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا، في ظل انشغال الأضواء الدولية بالصراع في أوكرانيا والحرب التجارية والنزاع في الشرق الأوسط.
وأوضحت الوكالة أن الطرفين يعملان على تعزيز نفوذهما في ليبيا، ذات الأهمية الاستراتيجية، والتي تُعدّ حاسمة للسيطرة على البحر الأبيض المتوسط ومنطقة الساحل.
وأشارت وكالة “نوفا” إلى أن القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) أجرت مؤخرا تدريبات جوية قرب مدينة سرت، كاستعراض للقوة بمشاركة ضباط ليبيين من الشرق والغرب لأول مرة، حيث استخدمت قاذفة B-52 الاستراتيجية، إلى جانب قوات من المملكة المتحدة، وامتدت على طول الساحل الليبي وصولا إلى قطاع غزة.
سرت رسالة رمزية إلى موسكو
وأفاد تقرير وكالة “نوفا” أن اختيار مدينة سرت لإجراء التدريبات يحمل رمزية كبيرة، حيث تقع على مقربة من قواعد مجموعة “فاغنر” الروسية، التي تتمتع بوجود راسخ في المناطق الوسطى والشرقية من ليبيا الخاضعة لسيطرة خليفة حفتر.
وذكرت “نوفا” أن موسكو عززت -رغم تصاعد الضغوط الأمريكية- بنيتها التحتية العسكرية في ليبيا، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة مثل S-400 وقدرات الحرب الإلكترونية الحديثة.
وأشارت الوكالة إلى أن التدريبات الأمريكية تهدف في المقام الأول إلى إرسال إشارة سياسية تؤكد استمرار نفوذ واشنطن في الملف الليبي.
تركيا في مواجهة روسيا
وذكرت وكالة “نوفا” أن الصراع في ليبيا لا يقتصر على الولايات المتحدة وروسيا، بل يشمل لاعبا ثالثا وهي تركيا، التي عززت دعمها لحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، مما منحها وجودا عسكريا واقتصاديا قويا في البلاد، يُعتبر بمثابة توازن استراتيجي أمام النفوذ الروسي في الشرق.
دور بيلاروسيا في دعم حفتر
وكشفت وكالة “نوفا” أن موسكو تتبع استراتيجية أكثر حذرا للحفاظ على نفوذها في ليبيا، مستخدمة بيلاروسيا كوسيط لتجنب التعرض المباشر.
وأوضحت الوكالة أن مينسك بدأت تدريب قوات خاصة تابعة لصدام حفتر، الذي ظهر مؤخرا في بيلاروسيا وهو يتفقد مجموعة من الجنود المتدربين على استخدام مقاتلات MiG-29 وMi-24 الروسية، بالإضافة إلى الطائرات المسيرة والأسلحة المتطورة.
كما أوردت الوكالة أن روسيا تركز اهتمامها على القواعد الاستراتيجية في ليبيا، لا سيما قاعدة طبرق الجوية، التي تشهد تعاونا متزايدا بين حفتر وحلفائه لتعزيز بنيتها التحتية بمساعدة بيلاروسيا.
الولايات المتحدة واحتواء النفوذ الروسي
وأشارت وكالة “نوفا” إلى أن واشنطن تسعى لتقليل النفوذ الروسي على حفتر بحذر، عبر تقديم بدائل استراتيجية، مثل الانضمام إلى قوة مشتركة بين الشرق والغرب لمراقبة الحدود مع دول الساحل.
ووفقا للوكالة، فإن الولايات المتحدة تهدف بشكل أساسي إلى حماية البنية التحتية النفطية الليبية من التأثير الروسي وعرقلة توسع موسكو في المنطقة.
جنوب ليبيا.. مركز الصراع الخفي
وأوضحت وكالة “نوفا” أن الصراع في ليبيا يمتد إلى منطقة فزان جنوب البلاد، الغنية بالموارد الطبيعية، لافتة إلى أن روسيا عززت وجودها في الجنوب من خلال السيطرة على قاعدة “السارة” الجوية قرب الحدود مع تشاد والسودان.
وفي المقابل، كشفت “نوفا” أن الولايات المتحدة أطلقت مشروع “استقرار ليبيا”، وهو مبادرة من الكونغرس تهدف إلى استقرار المنطقة والحد من نفوذ الأطراف الخارجية، مشيرة إلى أن التنفيذ يسير ببطء مقارنة بالتحركات الروسية السريعة.
رسالة أمريكية واضحة
ونقلت وكالة “نوفا” عن موسى فرج، عضو المجلس الأعلى للدولة، قوله إن وجود قاذفات أمريكية استراتيجية في الأجواء الليبية يعكس رسالة واضحة موجهة لأطراف متعددة في المنطقة.
وحذّر فرج، وفقا لما أوردته “نوفا”، من أن شمال إفريقيا قد يجد نفسه قريباً في قلب توترات جديدة، مما يعرض ليبيا لخطر التحول إلى مسرح مواجهة متصاعدة بين القوى العظمى.
المصدر: وكالة نوفا.