“ليبيا غير جاهزة”.. تقييم بحثي أمريكي لقدرات ليبيا في ملف الهجرة

تتواصل أزمة المهاجرين يوما بعد آخر في التفاقم بين عمليات إعادة وتوطين واحتجاز في مراكز الإيواء التي يخضع فيها المهاجرون إلى عمليات عنف وانتهاكات ضد الإنسانية وغيرها وسط دعوات لاحتواء الظاهرة بالتفات الاتحاد الأوروبي إلى ما تعانيه دول المتوسط المهاجرون على حد سواء.

لا تأثير يُذكر

تقول مؤسسة “كارنيغي للسلام الدولي” إن تقارير المنظمات الدولية التي تدق ناقوس الخطر، لا تأثير يُذكَر لها على تدهور الظروف المعيشية لأكثر من 700 ألف مهاجر في ليبيا في الوقت الذي يأمل كثر في الوصول إلى الاتحاد الأوروبي عبر المتوسط ويواجهون خطر الموت.

ووفقا لتقديرات المؤسسة فإن مايقارب 200 مهاجر لقوا مصرعهم أو فقدوا في البحر منذ مطلع العام الجاري، على الرغم من دعوات المهاجرين إلى العودة من حيث أتوا بدل الغرق في عرض البحر، وعلى الرغم أيضا من أن ذلك يعرّضهم لخطر اعتقالهم على أيدي خفر السواحل الليبية الذين عمدوا إلى زيادة دورياتهم في المياه الإقليمية

معاناة مستمرة

واستندت المؤسسة على تقارير للأمم المتحدة التي توثق استغلال المهاجرين في ليبيا وارتكاب من وصفتهم بـ”المليشيات المسلحة” جرائم ضد الإنسانية تتمثل في حالات تعذيب واعتداءات جنسية ما دفع بعضهم إلى الإقدام على الانتحار شنقًا بدافع اليأس أو بشرب الشامبو.

وينقل المهاجرون عند توقيفهم من قبل جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية إلى مراكز الاعتقال في بئر الغنم وغريان وعين زارة وطريق السكة، ومقابل إخلاء سبيلهم أحيانًا تدفع العائلات رشاوى تصل قيمتها إلى 5 آلاف دولار لقاء الإفراج عنهم وخروجهم من مراكز الاعتقال.

وأشار تقرير المؤسسة إلى أن التهريب والتجارة غير الشرعية، والاستعباد، والعمل القسري، والسجن وابتزاز المهاجرين تولّد إيرادات طائلة للأفراد والمجموعات المسلّحة والمؤسسات الحكومية، بما في ذلك “كيانات” الدولة الليبية التي تحصل على تمويل كبير من الاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير النظامية.

التمويل الأوروبي لصالح من؟

وعلى الرغم من نفي الاتحاد الأوروبي وفق التقرير مساعدته للمهرّبين في ليبيا، تطلق الحكومتان في شرق البلاد وغربها مبادرات جديدة في مسعى لمكافحة التهريب وإظهار أنها تتبع سياسة مسؤولة في موضوع الهجرة.

ففي شرقي البلاد، تُمارس ضغوطات إضافية عن طريق الحدود المصرية التي يمرّ عبرها مهاجرون بنغال وباكستانيون وغيرهم من المهاجرين الآسيويين وتنفذ القوات المحلية عمليات لهدم مستودعات التهريب؛ وفي البحر، تحدّثت تقارير عن عمليات لإعادة المهاجرين بقيادة “اللواء طارق بن زياد”، وربما يتخذ اللواء الذي يقوده “صدام” نجل خليفة حفتر هذه التدابير لمكافحة التهريب من أجل الحصول على التمويل الأوروبي من جملة أمور أخرى.

وعن السلطات في طرابلس يقول التقرير إنها لجأت إلى الإجراءات القانونية لتتميز عن الحكومة في طبرق من بينها إدانة مهربين إضافة إلى استخدام القوة في قمع التهريب بشنّها عمليات عسكرية في منطقة الزاوية لتفكيك مخيّمات المهاجرين الخاضعة لسيطرة المهرّبين، بتدميرها قوارب ومستودعات وصهاريج وقود تابعة لمهربي بشر ومخدرات إلى جانب اتخاذها إجراءات لمرافقة المهاجرين في طريق عودتهم إلى أوطانهم الأم.

وتبقى كلها مبادرات على أمل أن تنجح الحكومات في إقناع شركائها، أي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة، بالرغم من مواجهتهم تحدّي إرساء توازن دبلوماسي صعب يتمثل في ممارسة الضغوط على المسؤولين الليبيين في الشرق والغرب على السواء من أجل احترام حقوق الإنسان، من دون تقويض المبادرات الحكومية.

ليبيا غير جاهزة!

ويرى التقرير أن السلطات الليبية ستخضع باستمرار لمحك الاختبار في خضم الأزمات الإقليمية الحالية، فالنزاع الدائر في السودان المجاور دفع بأعداد كبيرة من اللاجئين إلى محاولة عبور الحدود.

ووفقا للتقرير فلا تعرف السلطات السودانية ولا الليبية عدد الأشخاص الذين لقوا مصرعهم خلال هذه المحاولات، فضلًا عن أن كثيرًا من الأشخاص الذين كُتبت لهم النجاة يجدون أنفسهم الآن عالقين عند الحدود.

واعتبر التقرير أن انقسام ليبيا سيبقيها غير مجهّزة كما يجب، للتعامل مع هذه الموجات المفاجئة وغير المتوقعة من اللاجئين، ما يمنح المهرّبين السيطرة القصوى في هذا المجال.

المصدر: مؤسسىة كارنيغي للسلام الدولي

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة