كيف تصل المجموعات المسلحة إلى خزائن الدولة وطاولات المفاوضات؟.. تقرير دولي يكشف عن ما يسميها بـ”سياسات الافتراس” وفوضى عائدات النفط

قال مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن ومعهد الدراسات السياسية الدولية الإيطالي إن مشاكل الشعب الليبي هي نتاج عقود من الإهمال، وعدم قدرة الحكومات المتعاقبة على كبح السلوكيات الجائرة والاقتصادات غير المشروعة للجماعات المسلحة.

وأضاف المركزان في تقرير مشترك بعنوان “سياسات الافتراس: اتجاهات وعقبات التنمية في ليبيا”، أن الافتقار التام لعقد اجتماعي يحدد كيفية توزيع عائدات النفط يقع في صميم مضاعفة آليات توليد الإيرادات والسلوكيات العدوانية من قبل الجماعات المسلحة التي يتمثل هدفها الوحيد في الحصول على “نصيبها” من الثروة النفطية.

وأوضح المركزان أن انقطاع الكهرباء ليس سوى أحد الآثار الجانبية لسنوات من الافتقار إلى حماية البنية التحتية من ممارسات النهب التي تمارسها الجماعات المسلحة والفساد والصراع الليبي الداخلي، وقالا إن هذا الاتجاه ينتشر على نطاق واسع في جميع الخدمات التي يجب أن يحصل عليها السكان في ليبيا (ليس أقلها النفط).

وأكد مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن ومعهد الدراسات السياسية الدولية الإيطالي أنه في ظل اقتصاد لا يمكن التنبؤ به بعد الثورة، أصبحت الرواتب التي تدفعها الدولة الليبية جزءًا من الإيرادات المستقرة التي يسهل الوصول إليها، مما دفع العديد من الجماعات المسلحة المؤثرة في ليبيا إلى ترسيخ نفسها في مؤسسات الدولة للوصول إلى مصدر التمويل هذا.

ولفت المركزان إلى أن هذه الجماعات تشارك أيضا بشكل نشط في الاقتصاد غير الرسمي في ليبيا، حيث أن الجهات الفاعلة المسلحة التابعة للدولة وغير التابعة للدولة متشابكة بشدة مع الشبكات التي تستخدم وسائل غير قانونية لزيادة دخلها مثل غسيل الأموال وتهريب المهاجرين والمخدرات أو الأسلحة والاتجار بالبشر وغيرها.

وقال المركزان إن انتشار السلوك الافتراسي بين المجموعات المدمجة في الهياكل المؤسسية يطرح مشاكل خطيرة، حيث تصبح وظائف هذه المجموعات داخل المؤسسات الأمنية الأوسع “منظمة” ويتزايد تضارب المصالح، وربما تذهب إلى أبعد من ذلك للاستفادة من نفوذ بعض الأطراف لتنفيذ أنشطتها غير القانونية مع الإفلات من العقاب.

واعتبر مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن ومعهد الدراسات السياسية الدولية الإيطالي أن مناورات الجماعات المسلحة أصبحت سياسية أكثر، حيث استغلت أزمة الشرعية الليبية المستمرة إلى جانب بيئة دولية مواتية، وأوضحا أن العديد منها الآن محاور رئيسي في المفاوضات السياسية حول المناصب الوزارية.

وأكد المركزان أن الوضع الذي غرقت فيه البلاد -وأسبابه الجذرية- هو في صميم عدم القدرة على إكمال العديد من المشاريع المتوقفة التي استمرت لسنوات طويلة والتي نفذتها وكالات التنمية، ناهيك عن الحفاظ على نتائج طويلة الأجل، حيث أدى عدم الاستقرار السياسي وتشرذم وازدواجية مؤسسات الدولة إلى تقادم إشراف الدولة.

وقال المركزان إن الوقت حان الآن لإعادة التفكير في العمل التنموي لتقدير السلوكيات المفترسة للجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية وكبحها، وشددا على ضرورة أن تعمل العملية التي تقودها الأمم المتحدة إلى تبسيط محاور للمفاوضات في المسارات الاقتصادية والسياسية والأمنية وحقوق الإنسان لضمان استعادة الرقابة المؤسسية المتأخرة.

المصدر: مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن + معهد الدراسات السياسية الدولية الإيطالي

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة