تقصي الحقائق بليبيا: انتهاكات حقوق الإنسان تعيق الانتقال الديمقراطي ونزاهة الانتخابات

قال مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إن ليبيا تمر بمرحلة حرجة تشهد انتهاكات خطيرة ومستمرة لحقوق الإنسان، وانتشار ثقافة الإفلات من العقاب في مختلف أنحاء البلاد مما يعيق قدرة الشعب الليبي على الانتقال إلى السلام والديمقراطية وسيادة القانون، وفق مجموعة من خبراء حقوق الإنسان.

وجاء في تقرير البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا الثاني الذي نشره اليوم مكتب حقوق الإنسان، أن الانتهاكات التي تم رصدها في ليبيا، تؤثر على الانتقال الديمقراطي ونزاهة العملية الانتخابية، وتخويف الناشطين ومضايقتهم.

وأضاف التقرير أن الانتهاكات طالت السلطة القضائية باعتبارها الجهة الضامنة لحقوق الإنسان، إضافة إلى الانتهاكات الجماعية ضدّ الفئات المستضعفة، مثل المهاجرين والنساء والناشطين السلميين والمحتجزين.

وتابع خبراء البعثة أنهم حددوا نمطا من الهجمات ضد العاملين في المهن القضائية ومكاتب الادعاء العام والمحاكم، وأن هناك ضعفا مطردا في قدرة القضاء على إجراء محاكمات شفافة وفعالة.

وأوضح الخبراء أن الفترة التي سبقت انتخابات ديسمبر الماضي، شهدت حالات عنف ضد السلطات القضائية لاسيما على محكمة سبها، مشددين على أن إعاقة قدرة القضاء في ليبيا بالترهيب والعنف، تشكل عقبة أمام انتقال الضحايا الليبيين إلى نظام ديمقراطي.

وقالت لجنة تقصي الحقائق في تقريرها، إنها وثقت بالأدلة أكثر الانتهاكات المنهجية التي قد ترتقي لجرائم ضد الإنسانية في 20 سجنا رسميا وغير رسمي بمناطق ليبيا الثلاث، مؤكدة توصلها لأدلة تشير إلى مئات الحالات على عدم تنفيذ الأوامر القضائية في سجون معيتيقة والكويفية وقرنادة.

وفي السياق ذاته شددت اللجنة على أنها لا تملك معلومات عن عضو مجلس النواب سهام سرقيوة منذ اختطافها من منزلها ببنغازي، محملة السلطات المحلية مسؤولية حمايتها، ومشيرة في الوقت نفسه إلى أنه لم يحاسب أحد حتى الآن، على مقتل الناشطة حنان البرعصي التي أطلق عليها النار في بنغازي، بل على العكس من ذلك أولاد الضحية هم الوحيدون الذين سجنوا.

من جهة أخرى أفادت البعثة وفق التقرير، بأنها توصلت إلى أسباب معقولة للاعتقاد بانتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في عدة مرافق احتجاز سرية في ليبيا، وأنها تحقق في تقارير تفيد بانتهاك حقوق الإنسان في عدد من السجون التي أُعلن عن إغلاقها، لكن يُزعم أنها لا تزال تعمل سرًا، ووجدت أنّ السلطات لم تنفّذ الأوامر القاضية بإطلاق سراح المحتجزين في حالات عدّة.

وقال رئيس بعثة تقصي الحقائق محمد أوجار، إنهم كشفوا أدلة إضافية تشير إلى أنّ انتهاكات حقوق الإنسان ضدّ المحتجزين في ليبيا تُرتكب على نحو منهجيّ أو واسع النطاق، بحسب تعبيره.

وأكدت البعثة أنها وجدت في تقريرها السابق، أن الانتهاكات بحقّ المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء في ليبيا، قد ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية، وأنها مستمرة منذ ذلك الحين في توثيق أنماط متّسقة من القتل والتعذيب والأفعال غير الإنسانية، والاغتصاب والاضطهاد والاسترقاق.

وأشار الخبراء بحسب التقرير، إلى أنّ عدّة أحداث مقلقة حصلت في الفترة التي سبقت ديسمبر 2021، وأدتْ إلى التشكيك في قدرة الحكومة وسلطات الأمر الواقع على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بضمان حريتيْ التعبير والتجمع للشعب الليبي، وتتضمن هذه الأحداث ما ورد من أنباء عن اعتقال الجماعات المسلحة لأفراد من سرت واحتجازهم، بسبب إبداء آرائهم حول الانتخابات أو دعمهم لمرشحين محددين.

ورصد تقرير البعثة عددا من القوانين والأنظمة التقييدية، بما في ذلك قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية الذي صادق عليه مجلس النواب في 26 أكتوبر 2021، مؤكدا أنها قوانين تسهم في إسكات المجتمع المدني والصحفيين.

هذا وأوضحت البعثة الأممية لتقصي الحقائق، أنها سترفع تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة خلال حوار تفاعلي في 30 مارس الجاري، موصية بضرورة تمديد عملها إلى ما بعد تاريخ انتهاء ولايتها الحالية في 30 يونيو.

المصدر: مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة