فورين بوليسي: أمريكا والعالم يتجاهلون إراقة الإمارات لدماء الليبيين

قالت صحيفة فورين بوليسي الأمريكية إن الإمارات هي الدولة الوحيد التي تتجاهل أمريكا وغيرها من القوى، تدخلها في ليبيا وإراقتها للدماء.

وتابعت فورين بوليسي في تقرير حديث لها، أنه منذ الرابع من أبريل 2019 نفذت أبو ظبي وحدها أكثر من 850 غارة بطائرات دون طيار وطائرة نيابة عن حفتر، مخلفة عشرات الأشخاص القتلى وأضرارا مادية جسيمة.

وأردفت الصحيفة أن بيانات المصادر المفتوحة تظهر أيضًا أنه منذ يناير 2020، حلقت أكثر من 100 طائرة نقل جوي يشتبه في أنها تحمل أطنانًا من الأسلحة من الإمارات إلى شرق ليبيا ومصر.

ولفتت إلى أن أبو ظبي يشتبه أيضا في خداعها العمال السودانيين للعمل مرتزقة مع حفتر، إلى جانب نقل وقود الطائرات لدعم جهود حرب حفتر.

طرابلس ولو خرابا

وزادت أن الأمم المتحدة وأمريكا وفرنسا والأخيرتان حماة لأبوظبي، لم يفعل أي من هؤلاء الكثير من أجل كبح هذا النشاط الذي فاقم الصراع وخلف عشرات الضحايا.

وواصلت أن استعداد أبوظبي لتمكين حفتر من التدمير الكامل لطرابلس وبنيتها التحتية اليوم، هو دليل على أن استثمارها الأيديولوجي في حفتر يفوق أي اعتبارات اقتصادية مستقبلية.

وذكرت أن انتصارات حفتر الدامية والمدمرة في بنغازي ودرنة لم تكن لتتحقق على الأرجح دون دعم مكثف من الإماراتيين والمصريين.

غطاء دبلوماسي

وتضيف فورن بوليسي أن ليس التدخل العسكري الإماراتي وحده هو الذي يمنح حفتر النفوذ، إذ تنبع قوته أيضًا من قدرة الإمارات على التأثير أو التجميد أحيانا للدبلوماسية المحيطة بليبيا، من خلال دفع مصالحها الخاصة عبر علاقاتها الثنائية، وبشكل رئيس العلاقات التي تشترك فيها مع فرنسا.

وتقول الصحيفة إن الإمارات وسعت دورها الخاص من خلال الاستفادة من عدم قدرة الدول الأوروبية على التأثير بشكل جماعي دون الولايات المتحدة.

وتعد فرنسا الحليف الأوروبي الأساسي الذي حفز أبو ظبي على دعم رؤيتها لليبيا بشكل مستقل، قد أقامت مع الإمارات بالفعل علاقات أمنية ثنائية وثيقة، وفق فورين بوليسي.

دعم فرنسي معادٍ لقيمها

وذكر الصحيفة أن دعم باريس لحفتر الاستبدادي معادٍ لقيمها الديمقراطية الليبرالية، لكنه يتماشى بشكل عام مع جهودها لتطوير تحالفات عسكرية مع القادة الاستبداديين في أجزاء أخرى من إفريقيا لتأمين الساحل.

ولفتت أنه بالنسبة للإمارات العربية المتحدة، لم تكن القيمة المضافة الحقيقية لدعم باريس لمشروعها في ليبيا في المجال العسكري، بل في المجال السياسي.

ماكرون وشهيته التخريبية

وتضيف فورن بوليسي أن انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسًا فرنسيًا في عام 2017 أعطى حضور الإمارات في ليبيا غطاءً دبلوماسيًا حيويًا بسبب شهية ماكرون للسياسة الخارجية التخريبية.

وتابعت الصحيفة أن تدخل فرنسا سارع في تحويل سيطرة حفتر على شرق ليبيا ومعظم البنية التحتية النفطية في ليبيا إلى عاصمة سياسية.

وواصلت أنه لم يكن حفتر ولا الإمارات مهتمين بصدق بليبيا شاملة يشارك فيها حفتر السلطة مع حكومة الوفاق الوطني.

أبوظبي منعت معاقبة حفتر

وترى فورين بوليسي أن الإمارات نجحت في تخفيف الأهمية الدبلوماسية التي تشمل ليبيا بالكامل، من خلال علاقاتها الثنائية وجهود الضغط، مكنت حفتر من التهرب من إدانة علنية لحربه.

وصرحت الصحيفة أن صانعي السياسة الغربية لم يفعلوا الكثير لتحدي حفتر في هذا الصدد، ولم يشككوا في فعالية استراتيجيتهم في التهدئة أو مخطط تقاسم السلطة، فالدعم الإماراتي يمنح حفتر الإفلات الكامل من العقاب على المسرح الدولي.

دعم الحرب والسلام معا

ووفقا للصحيفة، تتلخص الطبيعة المتعارضة في النهج للقوى الدولية التي تدعم حفتر، إذ تدفع من أجل اتفاقية سلام وتدعم القتال في الوقت نفسه، في حادثة واحدة في عام 2019.

وذكرت أن هناك استجابة دولية صامتة أعقبت هجوم حفتر في أبريل 2019، وأن التدخل الإماراتي المطول لا يزال يُعامل كميزة غير مرئية للصراع.

لقد عمل تحيز صانعو السياسة الغربيين على حماية الإمارات من الأضرار التي لحقت بسمعتها وهو أمر كان يتوقع أن يكون نتيجة حتمية لتدخّلها الطويل الأمد في ليبيا، وفق الصحيفة.

ردع الإمارات ضروري

وتقول الصحيفة إنه حتى الآن، فشلت اجتماعات الدبلوماسيين الغربيين مع نظرائهم الإماراتيين في الحد من التصعيد بسبب إحجامهم عن استخدام أدوات الإكراه المتاحة لهم.

ويجب على المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين أن يمارسوا الضغط بشكل مشترك من خلال التهديد بسحب معلومات سرية فيما يتعلق بجميع انتهاكات حظر الأسلحة التي تفرضها الأمم المتحدة في ليبيا، بما في ذلك الانتهاكات الإماراتية الطويلة الأمد.

إن التهديد بتقديم المخالفين المتكررين إلى لجنة عقوبات تابعة للأمم المتحدة، إلى جانب مخاطر تشويه السمعة المحتملة، من شأنه أن يفرض قواعد سلوك جديدة على أبو ظبي في ليبيا، وهذا من شأنه أن يمثل تحذيراً مهما حيث يمكن أن يخفف من حدة عدوان الإمارات في ضوء تجاهلها للقانون الدولي في سياقات أخرى.

وقالت الصحيفة إن الجهود الدبلوماسية المتضافرة من كل من واشنطن وبروكسل التي يمكن أن تجبر الإمارات على وقف دعمها المسلح لحفتر هي السبيل الوحيد لتجنب التصعيد الذي سيغرق ليبيا في مزيد من إراقة الدماء والدمار.

Total
0
Shares
مقالات ذات صلة