مرور 5 سنوات على “نكبة بنغازي” ومحاولات لاستنساخها في طرابلس

شهدت مدينة بنغازي في الــ15 من أكتوبر عام 2014 اجتياح حفتر ومسلحيه لأحياء المدينة التي تعد ثاني مدن البلاد من حيث الكثافة السكانية؛ عقب تعهد حفتر قبل بدء الهجوم بأنه سينهي خدمته العسكرية بعد ما أسماه معركة “تحرير بنغازي”.

الصحوات !
ووقع هذا التحرك بمساندة ما عرف بــ”الصحوات” من أحياء عدة بالمدينة؛ وهم مدنيون مسلحون شاركوا بما عرف في حينها باسم الانتفاضة المسلحة؛ حيث ينسب إليهم أعمال التخريب والتفجير والهجوم على المنازل، كما أغلقت الصحوات الطرق المؤدية إلى بعض الأحياء، كحي بوهديمة والسرتي، وانتشرت مجموعات مسلحة منهم في مفترق المساكن في منطقة بوعطني وأماكن أخرى.

هلع ونزوح
أدى خطاب حفتر التحريضي ودعوات الصحوات إلى اشتباكات ومواجهات في عدد من أحياء المدينة؛ ما أدى إلى انتشار الفوضى؛ وشهدت المدينة ازدحاما على محطات الوقود ومحلات وأسواق المواد الغذائية والمخابز؛ عقب انتشار الهلع والتخوف من الحرب، إضافة إلى حالة نزوح جماعي لأسر تركت بيوتها خوفا من اجتياح المسلحين لمناطقهم ووقوع اشتباكات في شوارعهم.

قتل ودمار
دفعت بنغازي ثمنا باهضا من أرواح أبنائها؛ وتعرضت لدمار كبير في العمران؛ من أجل تحقيق أهداف حفتر ؛ الذي كذب على الجميع بادعائه أنه يحارب الإرهاب؛ فكانت الحصيلة قتلى بالمئات من بينهم أطفال وشيوخ ونساء؛ ومهجرون بعشرات الآلاف من سكان المدينة؛ وهو ما فتح الباب لاغتصاب المنتسبين إلى عملية الكرامة والمنضوين تحت لواء حفتر لممتلكاتهم الخاصة وممتلكات غيرهم بذرائع واهية.

العدوان على طرابلس
وبعد مرور 5 سنوات سعى حفتر إلى السيطرة على العاصمة فهاجمها بنفس الدعاوى التي دمر بها بنغازي وهجر بسببها أهلها؛ فماذا كانت النتيجة بعد عدوانه على طرابلس ؟ … مئات القتلى ثلثهم من الأطفال والنساء؛ وأكثر من مئة وعشرين ألف نازح بحسب تصريحات رسمية؛ فروا من حربه المجنونة على طرابلس.

رفض سيناريو بنغازي
غير أن ما حال دون القبول الشعبي لمحاولات تكرار سيناريو بنغازي في طرابلس؛ بحسب مراقبين؛ هو مشهد الدماء والأشلاء والتهجير والإقصاء الذي صاحب كرامة حفتر هناك؛ فجرح بنغازي لايزال ينزف؛ وإلقاء جثث الأبرياء على قارعة الطريق لم يتوقف حتى بعد هذه المدة الطويلة؛ والشرخ الاجتماعي لا يزال ماثلا؛ ووعود الأمن والاستقرار والتنمية والرخاء في بنغازي لا تزال بعيدة المنال.

ورغم هذا وذاك؛ تنظر طرابلس بعين الحسرة والأسف إلى بنغازي الجريحة؛ وترفض أن تسمح لحفتر بأن يكرر جرائمه فيها؛ وتدفع بالآلاف من أبنائها وأبناء المدن الليبية الأخرى؛ للوقوف في مواجهة طوفان كرامة حفتر المزعومة؛ ولسان حالهم ومقالهم: لن نرضى بذبح أهل طرابلس وتدمير بنيانها وتهجير مئات الآلاف من أهلها مهما كلفنا ذلك.

Total
0
Shares
مقالات ذات صلة