اتفاق باريس: هل يحسم جدل الانتخابات وينهي الأزمة الليبية؟

أسفر مؤتمر باريس حول ليبيا الذي دعت إليه الرئاسة الفرنسية، على اتفاق بين كل من فائز السراج وعقيلة صالح وخالد المشري وخليفة حفتر على مجموعة من المبادئ لدعم جهود الأمم المتحدة لتثبيت الاستقرار في البلاد.
وقال رئيس المجلس الرئاسي “فائز السراج” في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفرنسي “إمانويل ماكرون” والمبعوث الأممي “غسان سلامة” في باريس، إنه تم الاتفاق على الإعداد لقاعدة دستورية للانتخابات في تاريخ أقصاه السادس عشر من سبتمبر القادم، وتحديد موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في العاشر من ديسمبر من هذا العام.
ونص الإعلان السياسي حول ليبيا الذي جاء في ثماني نقاط على أهمية وضع أساس دستوري للانتخابات ودعم المبعوث الأممي غسان سلامة أثناء مشاوراته مع السلطات الليبية بشأن اقتراح جدول زمني لاعتماد الدستور، وإجراء انتخابات على قاعدة دستورية قوية، وفتح سجل الناخبين لفترة إضافية تحددها الأمم المتحدة.
كما ألزم مؤتمر باريس مجلسي النواب والدولة بالإيفاء بالاستحقاقات المناطة بهما لاعتماد وتنفيذ القوانين الانتخابية المطلوبة، وفي المقابل إلزام مختلف الأطراف الليبية بالقبول بنتائج الانتخابات، وشدد الإعلان السياسي لمؤتمر باريس على أن الذين ينتهكون أو يعيقون العملية الانتخابية سيخضعون للمساءلة.
من جانب آخر نص الإعلان السياسي على ضرورة توحيد البنك المركزي والمؤسسات الأخرى، وبناء مؤسسات عسكرية وأمنية مهنية وخاضعة للمساءلة وتشجيع حوار القاهرة في الخصوص، مشيرا في آخر نقاطه إلى ضرورة التزام الأطراف كافة بالمشاركة في مؤتمر سياسي شامل في غضون 3 أشهر لمتابعة تنفيذ هذا البيان تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا واحترام الإطار الزمني.
وفي أول ردود الفعل على مخرجات باريس قال سلامة إن البعثة الأممية ترحب بالتزام القادة الليبيين المشاركين في مؤتمر باريس بإجراء الانتخابات قبل نهاية العام الحالي، وتأمل في أن يتم التوصل إلى إجماع بين جميع الأطراف حول كيفية تحقيق ذلك. مجددا استعداد الأمم المتحدة للدعم والمساعدة في هذا الاتجاه.
من جانبه قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن التسوية السياسية التي تنشدها الجامعة يجب أن تكون ليبية خالصة، على أساس الإطار العام للاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات، وعبر أكبر قاعدة ممكنة من التوافق الليبي- الليبي.
وعلى الصعيد المحلي شدد عضو مجلس النواب المقاطع فتحي باشاغا، على أن مخرجات لقاء باريس جيدة ولكنها ستبقى كلمات وأمنيات مطبوعة على ورق من دون آلية واضحة تتولى تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع في ظل تمترس وتخندق وتغول المستفيدين على حساب الوطن، معبرا عن خشيته من أن يُترك هذا الاتفاق للزمن ولعوامل الصراع والإفساد الإقليمي.
أما المستشار السياسي لرئيس المجلس الرئاسي الطاهر السني، فقد أكد أن الاقتراحات التي قدمها المشاركون في المؤتمر اختلفت حول الاستفتاء على مشروع الدستور الحالي، وتبني نصوص مشروع الدستور الخاصة بالانتخابات وشكل المؤسسات وتأجيل الاستفتاء، وتعديل الإعلان الدستوري لمرحلة انتقالية جديدة، قائلا إنها خلافات ستحسم في أجل أقصاه 16 سبتمبر المقبل.
وقال رئيس لجنة الحوار بمجلس النواب عبدالسلام نصية، إن لقاء باريس صعب ولكنه ليس مستحيلا، مشيرا إلى غموض نص الإعلان السياسي لمؤتمر باريس في العديد من النقاط كالتوافق الإقليمي وآليات تطبيق مخرجات الإعلان وموضوع الأساس التشريعي للانتخابات، معتبرا أن الشيء الإيجابي الوحيد هو تحديد سقف لوضع هذا الإطار التشريعي وهو 16 سبتمبر وهو زمن كاف جدا على حد تعبيره إذا كانت هناك جدية ومتابعة من الآن.
ومن وجهة نظر متشائمة وصف عضو مجلس النواب علي السعيدي اجتماع باريس بالفاشل، معتبرا أن ما حدث هو مزيد من ضياع الوقت، مقارنة بعشرات المؤتمرات التي عقدت في السابق من أجل ليبيا، ولم تطبق مخرجات أيٍ منها.
من جهته قال عضو حرب التغيير جمعة القماطي، إن على المجتمع الدولي أن يفهم أنه لن تكون هناك انتخابات رئاسية مقبولة من الجميع في ليبيا إلا إذا كانت وفق دستور دائم وضامن أولا. والدول التي تستعجل إيصال حليفها حفتر إلى السلطة لابد أن تعي أن موضوع من يحكم ليبيا، هو شأن ليبي وأن الأحرار لن يعودوا إلى دكتاتورية العسكر والقيود من جديد.
هذا وكانت مجموعة “الأزمات الدولية”، قد حذرت من أن اجتماع باريس حول ليبيا قد يؤتي نتائج عكسية، لاسيما أن الرئاسة الفرنسية تسعى لانتزاع التزام جماعي بفعل كل ما يمكن فعله من أجل أن تجري انتخابات رئاسية وتشريعية بحلول نهاية العام، وذلك في ظل ما تمر به ليبيا من فوضى منذ 2011، وغياب إجماع من كافة الأطراف في البلاد بعد إعلان مدينة مصراتة رفضها المشاركة في مؤتمر باريس، واعتبرت المجموعة إجراء انتخابات هذا العام أمر غير واقعي من وجهة نظر تقنية بحتة، وذلك لعدم توفر الإطارين القانوني والدستوري، وهي عوائق يبدو تجاوزها مستحيلا في الفترة القصيرة المتبقية من هذا العام.
ولفتت “الأزمات الدولية” إلى أن المبادرة الفرنسية لا تتيح بناء استراتيجية سياسية واقتصادية وأمنية قابلة للحياة ويمكن أن ينضوي فيها طيف واسع من الليبيين وداعميهم الدوليين.
يشار إلى أن مؤتمر باريس قد دعيت إليه 19 دولة معنية بالملف الليبي وهي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وإيطاليا، والدول المجاورة لليبيا: مصر وتونس وتشاد، والقوى الإقليمية: الإمارات وقطر والكويت وتركيا والجزائر والمغرب، إضافة إلى كل من الرئيس الكونغولي دنيس ساسو-نغيسو، رئيس لجنة الاتحاد الإفريقي الرفيعة المستوى حول ليبيا، ورئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة.

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة