منذ نحو عام.. خلاف عون وصنع الله يتصاعد والنفط الذي يديرانه يتأرجح

منذ نحو عام دبت بين رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، ووزير النفط بحكومة الوحدة الوطنية محمد عون، خلافات بلغ مداها بإصدار الأخير قرارا بإيقاف صنع الله وإحالته للتحقيق في 29 أغسطس 2021، ثم أردفه بالقرار رقم 50 لسنة 2021 في 14 أكتوبر من نفس السنة.

توافق هش
بعد حوالي شهر من تعيينه وزيرا للنفط، التقى محمد عون برئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، وجرى في الاجتماع التوافق حول احتياجات المؤسسة لتطوير عملها وزيادة إنتاجها وكان صنع الله يأمل حينها إلى الوصول إلى إنتاج يفوق 2 مليون برميل يوميا خلال فترة قريبة.

وفي إشارة لتوافق الرجلين صرح عون لوكالة بلومبرغ الأمريكية في أغسطس 2021، بأن المؤسسة الوطنية للنفط اشتكت فيما سبق من حاجتها إلى مزيد من الأموال لإصلاح البنية التحتية القديمة جدا، موضحا أن ليبيا تدرس عروضا قدمتها شركات أجنبية للاستثمار في مشروعات متعلقة بالتكرير.

حقيقة الخلاف
منذ تعيينه في مارس 2021 كأول وزير للنفط منذ 2014 ضمن تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها عبد الحميد الدبيبة، بدأت المناوشات بين محمد عون ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله الذي يشغل هذا المنصب منذ 14 أغسطس 2014.

وبين المعلن والخفي في خلاف عون وصنع الله، يبدو أن إدارة قطاع النفط التي تمكن الأخير من النجاح فيها وتجاوز كل العقبات التي واجهته، من إغلاقات ومحاولات لتأسيس مؤسسة موازية خلال سنوات عديدة، مكنته من ترجيح الكفة لصالحه، وكشفت عن حقيقة الصراع بين الرجلين.

صراع الصلاحيات
وكشف قرار عون بإحالة صنع الله على التحقيق، حقيقة الخلاف بينهما حول الصلاحيات والتراتبية التي لم يكن الأخير قد تعود عليها إذ كان المسؤول الأول عن إدارة الموارد النفطية منذ 2014، فقد أشار القرار إلى أن مخالفات رئيس المؤسسة الوطنية للنفط تتمثل في عدم التقيد بالإجراءات والضوابط الخاصة بأخذ الإذن المسبق من وزير النفط والغاز عند مباشرة أي مهمة عمل رسمية، وعدم تقديم التقرير اللازم بشأن المهام الداخلية، وعدم التقيد بالتسلسل الإداري في المخاطبات الإدارية بالتجاوز لتنظيم الجهاز الإداري المعتمد لوزارة النفط والغاز إلى جانب الامتناع عن نقل تبعية الإدارات السيادية (إدارة التفتيش والقياس، إدارة محاسبة الشركات، إدارة التعاون الدولي) إلى وزارة النفط، وتكليف أحد أعضاء مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط بمهام رئيس مجلس إدارة المؤسسة بمخالفة التشريعات المنظمة لعمل المؤسسة، وفق نص القرار رقم 50 لسنة 2021، إضافة إلى اتهام صنع الله بعرقلة جاد الله أحمد العوكلي من مباشرة مهامه المسندة إليه كرئيس لمجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط بموجب التكليف الصادر عن وزير النفط.

الشفافية “عنوان معلن”
وفي ثنايا الخلاف بين الرجلين قال وزير النفط إن تقارير ديوان المحاسبة أشارت إلى أنه منذ عام 2012 لم تُراجَع كشوف حسابات المؤسسة الوطنية للنفط ولا الشركات النفطية، متهما رئيسها بعدم المطالبة بديون المؤسسة لدى الشركات الأجنبية والتي بلغت 2.3 مليار دولار أميركي، وفق إحدى تصريحته الصحفية.

وفي سياق الطعن في شفافية صنع الله قال محمد عون، إن الوزارة طلبت من رئيس مؤسسة النفط أكثر من مرة، عدّة تفاصيل عن مكاتب لندن وهيوستن، ولم يردّ عليها، وطلبت منه أكثر من مرة تفاصيل عن الديون المتراكمة على قطاع النفط، وأيضًا لم يردّ، لذلك هو لا يملك أيّ نوع من الشفافية.

اتهام متبادل
وإضافة إلى التصريحات والتصريحات المضادة وتبادل الاتهامات بطريقة علنية، بلغ الخلاف بين الرجلين حد التضارب في القرارات، ففي حين أصدر صنع الله في يناير الماضي، قرارات بإنهاء عمل بعض رؤساء الشركات المملوكة للمؤسسة، وعلى رأسهم رئيس شركة أكاكوس للعمليات النفطية أحمد عمار، أصدر عون قرارا مضادا باستمرار عمار في منصبه، بحجة أن القرار صدر عن غير ذي صفة، لأن صنع الله لا يملك صلاحيات رئيس المؤسسة منذ 14 نوفمبر 2021، بموجب قرار وقفه عن العمل.

وفي مقابلة مع وكالة بلومبرغ الأمريكية، قال صنع الله إنه لا يمكن لوزير النفط أو أي شخص آخر التشكيك في شرعية مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، مؤكدا أن المؤسسة ستكون أفضل حالا لولا وجود وزارة النفط التي اعتبرها عبءا ثقيلا عليها.

وفي تصريحات له بموقع المؤسسة أواخر العام الماضي، هاجم صنع الله وزير النفط محمد عون، قائلا إنه يقود زارةً معطلةً بإرادته، وإن الرأي العام المحلي والدولي يدرك جيدا الدور الذي تقوم به المؤسسة بخلاف ما يردده على صفحة الوزارة، مضيفا أن على عون، أن يتنبّه إلى أن استقباله لمهربي الوقود والسماح لهم بالدخول بسيارات مدججة بالسلاح إلى مقر المؤسسة الذي تشغل الوزارة بعض مكاتبه بصفة مؤقتة، أمرٌ مرفوضٌ وهو موثق.

وقال صنع الله خلال التصريحات نفسها، إن ما وصفه بالوزير المعطِّل مازال مستمرا في المعاندة والضرب بقرارات مجلس الوزراء وهيئة الرقابة الإدارية عرض الحائط، متناسيًا أن القانون لا يمكن أن يمارس بانتقائية، وأن محاولاته لن تثني عزمهم الراسخ في المضي قدما في المساهمة ببناء دولة المؤسسات والقانون.

الدبيبة ينتصر لصنع الله
وفي محاولة لنزع فتيل الصراع بينهما قرر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة في سبتمبر 2021، الإبقاء على رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في منصبه الحالي، ملغيا قرار وزير النفط محمد عون، الذي طالب بإيقاف صنع الله عن العمل وإحالته إلى التحقيق الإداري بسبب مغادرته البلاد دون إذن مسبق، وفق ما أكدته حينها وكالة بلومبرغ الأمريكية.

خلاف يتجدد
ورغم تدخل رئيس الحكومة بإلغاء قرار إيقاف صنع الله، إلا أن الخلاف بين وزير النفط ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط لم ينته، فقد صرح عون لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية في أبريل الماضي، ردا على ما يتردد عن اعتزام صنع الله تجميد إيرادات النفط، بأنه إذا صح ذلك فإنه يعد إقحاماً لمؤسسة النفط في الصراع الراهن حول السلطة التنفيذية، وأن التجميد كآلية لا يصب في صالح الليبيين، مناشدا الجميع ضرورة تجنيب قطاع النفط الصراعات السياسية كونه مصدر الدخل الرئيسي للبلاد.

وفي آخر التصريحات غير الودية بين صنع الله وعون قال الأخير في اتصال مع الأحرار، بخصوص التسرب النفطي بحقل السرير، إن التحجج بالميزانيات في أزمة التسريب ليس مقنعا، موضحا أن قطاع النفط به بعض التأخير في اعتماد الميزانيات ولكن بالنظر للمصروفات هناك 4 مليار التزامات سابقة على الشركات النفطية، مؤكدا أن أولويات قطاع النفط هي السلامة والصيانة، ملمحا إلى تقصير المؤسسة الوطنية للنفط في هذا المجال.

ودعا عون كافة الأطراف إلى عدم تسييس الموارد الأساسية لليبيين، مؤكدا أن الإقفالات ليست من المواطنين وإنما بتعليمات لجهاز حرس المنشآت وهو من أعطى الأمر بالإقفال وعدم السماح بالإنتاج.

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة