كتاب جديد لـ”إيان مارتن”: الغرب يتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في ليبيا

قال المبعوث الأممي الأسبق إلى ليبيا البريطاني “إيان مارتن”، إن الغرب يتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في ليبيا عقب التدخل في 2011 وإنه ألحق أضرارا كبيرة بمبدأ “مسؤولية الحماية” وتمكين المجموعات المسلحة فيما بعد من بسط سلطتها.

جاء ذلك في كتاب له صدر حديثا بعنوان “كل الإجراءات الضرورية؟.. الأمم المتحدة والتدخل الدولي في ليبيا”، إذ قدم “إيان مارتن” وجهة نظره المباشرة عن الأسئلة التي أثارتها المشاركة الدولية، منها: ما الذي أدى إلى قرارات مجلس الأمن بما في ذلك الإذن بالعمل العسكري؟ كيف تصرف الناتو بناءً على هذا التفويض؟ ما هو الدور الذي لعبته عمليات القوات الخاصة في انتصار الثوار؟ هل كان من الممكن التوصل إلى تسوية سياسية سلمية؟ ما هو التخطيط لمرحلة ما بعد الصراع؟ هل أجريت الانتخابات الأولى في وقت مبكر جدًا؟

وأوضح المراسل الأجنبي المخضرم “جوناثان ستيل” في تحليل له نشره موقع “ميديل ايست آي”، أن كتاب “إيان مارتن” الذي شغل منصب أول رئيس للبعثة الأممية في ليبيا سنة 2012، يقدم تحليلاً جيدا للقضايا الرئيسية خلال الحرب وفي فترة ما بعد القذافي، عندما اتُهم الداعمون الرئيسيون للتدخل العسكري (بريطانيا وفرنسا) بالتخلي عن ليبيا والسماح للمليشيات بتخريبها، مشيرا إلى أن الكاتب أجرى عملاً بحثيًا هائلاً في البحث عن بيانات ومذكرات اللاعبين الخارجيين الرئيسيين وهم ديفيد كاميرون ونيكولا ساركوزي وباراك أوباما ومسؤولوهم.

وأضاف المراسل “جوناثان ستيل” أن “مارتن” سرد تفاصيل صنع القرار الداخلي للأمم المتحدة ولقاءاته العديدة مع السياسيين الليبيين المتنافسين في الانتخابات التي ساعدت الأمم المتحدة في تنظيمها في عام 2012، فيما لا تزال عديد من الأسئلة المتعلقة بالسياسة محل خلاف، منها على سبيل المثال: هل صحيح أن القذافي كان يهدد بمذبحة في بنغازي أم هو ادعاء جرى استخدامه لتبرير قرار مجلس الأمن بأن تتخذ الحكومات “جميع التدابير اللازمة” لحماية المدنيين، بما في ذلك فرض منطقة حظر طيران في مارس 2011؟

ويعتقد “مارتن” أن التقارير الإعلامية عن سلوك القذافي مبالغ فيها، وأن حديث وزيرة الخارجية الأمريكية وقتها كوندوليزا رايس عن “الإبادة الجماعية المحتملة” كان غير مناسب، ويصف كيف جادلت بريطانيا والولايات المتحدة بشكل مثير للجدل بأنه كان من القانوني إمداد الثوار بالأسلحة على الرغم من الحظر المفروض، وقال إن الحكومة البريطانية استخدمت مغالطة مماثلة في مواجهة منتقديها الذين قالوا إن قرار الأمم المتحدة لا يسمح بالتدخل لإحداث تغيير في النظام.

وأشار “إيان مارتن” في كتابه حسب ما نشر في موقع ميدل ايست آي إلى أن ديفيد كاميرون ونيكولا ساركوزي وقتها كانا رافضين لدور الاتحاد الإفريقي في ليبيا ولم يسعيا إلى خيار محادثات السلام، وعلى العكس من ذلك فقد أذِنَا للقوات الخاصة بدخول ليبيا سراً لمساعدة الثوار، في تحدٍّ للوعود التي قُطعت أثناء تمرير قرار مجلس الأمن الدولي بعدم وجود جنود غربيين على الأراضي الليبية.

وأعرب “مارتن” عن أسفه لعدم تركيز الحكومات الغربية على القضايا السياسية وكتب أنهم لم يفهموا أهمية القبائل والمنافسات بينها، وعدم شمولية تحالف الثوار المدعوم من الغرب، مشيرا إلى أن تقرير “التقييم المسبق” للأمم المتحدة حذر من انتشار الجماعات المسلحة، وقال إنه لا يُعرف سوى القليل عن تكوين وتنظيم وتسليح وترتيبات القيادة والسيطرة لهذه المجموعات من جانب المجلس الوطني الانتقالي، لكن المسؤولين الغربيين لم ينخرطوا في إيجاد الحلول.

ولفت “إيان مارتن” إلى أن الرئيس الأمريكي وقتها باراك أوباما ترك الأمر للبريطانيين والفرنسيين للإشراف على جهود ما بعد الصراع في ليبيا، لكنه انتقدهم فيما بعد لفقدان الاهتمام والمشاركة، وقال إن المسؤولية الكبرى عن الفشل في إصلاح قطاع الأمن الليبي تقع على عاتق الحكومات التي ساعدت الثوار وسلحتهم فيما ارتكب القادة الليبيون أخطاء، لا سيما قرار وضع الجماعات المسلحة على رواتب الحكومة بدلاً من إيجاد طرق لحلها.

وأعرب “مارتن” عن أسفه لنقص التفكير الإستراتيجي من قبل الحكومات الغربية وكذلك عدم اهتمامها بمخاوف جيران ليبيا الأفارقة، واعترف بأخطاء الأمم المتحدة خلال الفترة التي قضاها كرئيس للبعثة في ليبيا، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة فشلت تماما مثل الحكومات الأجنبية في تعزيز الحوار السياسي وقللت من تقدير عاملين اثنين هما الصراع بين الإسلاميين والجماعات السياسية الأخرى والتنافس بين الأطراف الخارجية.

المصدر: موقع مديل ايست آي + موقع هورسيت بابليشرز

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة