المجلس الأطلسي: واشنطن فشلت في ليبيا وهناك عدم توافق بين الخطاب والواقع

قال المجلس الأطلسي إن تأجيل الانتخابات الليبية التي طال انتظارها والمقررة في 24 ديسمبر 2021 لم يكن مفاجئًا، حيث ظلت القواعد الأساسية وآليات تنفيذ الانتخابات غير واضحة.

وأضاف المجلس في تقرير له أن إجراء الانتخابات يمكن أن تكون خطوة حاسمة نحو إعادة توحيد البلاد، ومن المحتمل أيضًا أن يشير إلى سنوات من سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخاطئة تجاه ليبيا لأنها عززت أهداف روسيا والجهات الفاعلة الخارجية الأخرى العسكرية والجغرافية الاستراتيجية والطاقة، باعتبارهم أقل قلقًا بشأن تأجيل الانتخابات في ليبيا.

وأوضح المجلس الأطلسي أن عدم الاستقرار في ليبيا اجتذب مجموعة من الجهات الفاعلة الإقليمية التي تتطلع إلى الاستفادة من المرحلة الانتقالية، في حين أن الولايات المتحدة تنظر فقط إلى الانتخابات على أنها وسيلة لازدهار ليبيا المستقبلي، قائلا إن اللاعبين الرئيسيين مثل روسيا وتركيا والإمارات يظل تركيزهم على القيمة الاقتصادية والاستراتيجية لليبيا.

روسيا في ليبيا

وأشار المجلس إلى أن روسيا تعتبر ليبيا موطئ قدم اقتصادي وعسكري جنوب البحر الأبيض المتوسط وبالتالي تلعب لعبة مختلفة تمامًا عن الولايات المتحدة، وقال إن القاعدة البحرية الروسية الوحيدة خارج روسيا تقع في طرطوس بسوريا مما يتيح لها الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط والمشرق العربي، وقد قدمت مزايا تكتيكية واستراتيجية على مدى العقد الأخير وأدركت أنها يمكن أن تؤثر على مسار سوريا وتمنع انهيار نظام بشار الأسد.

وأكد المجلس الأطلسي أن إقامة وجود مماثل في ليبيا من شأنه أن يوسع من وصول روسيا إلى البحر المتوسط ويردع مرة أخرى الوجود والنفوذ الأمريكي والغربي، ولتحقيق هذه الأهداف نشرت ما لا يقل عن ألف مرتزق من فاغنر لدعم خليفة حفتر وهي تنوي استخدام وجودها العسكري لمد نفوذها السياسي والاقتصادي ليشمل قطاع النفط والغاز في ليبيا.

مصالح الدول الأخرى في ليبيا

وقال المجلس إن روسيا ليست القوة الأجنبية الوحيدة التي تدعم حفتر، كما قدم السودان دعماً عسكرياً – ممولاً إلى حد كبير من الإمارات – وقدمت فرنسا ومصر الدعم لحفتر في الحرب على طرابلس، مشيرا إلى أنه بدعم روسي وإماراتي ومصري إلى جانب الموارد العسكرية السودانية، يواصل حفتر السيطرة على أجزاء كبيرة من شرق وجنوب ليبيا.

وأضاف المجلس الأطلسي أن تركيا وقطر وإيطاليا دعموا حكومة الوفاق الوطني حيث نشرت تركيا قواتها من أجل مصالحها السياسية والاقتصادية وكان الدعم التركي حيويًا لمنع هجوم حفتر عام 2019 على طرابلس، حتى إن المحللين جادلوا بأن الدعم التركي بطائرات دون طيار كان حاسمًا في منع خليفة حفتر من الاستيلاء على العاصمة طرابلس.

ماذا عن الولايات المتحدة؟

وأكد المجلس الأطلسي أن سياسة الولايات المتحدة تجاه ليبيا في السنوات الماضية كانت فاشلة استراتيجيًا، مشيرا إلى أن واشنطن رأت أن الانتخابات هي الوسيلة وبالتالي ستحافظ الجهود الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة على مصالحها وتنافس خصومًا رئيسيين مثل روسيا، وبدلاً من ذلك فإن الحقيقة هي أن الولايات المتحدة لعبت لعبة مختلفة تمامًا.

وأوضح المجلس أنه حتى لو جرت الانتخابات في ليبيا فإن الإمارات العربية المتحدة وتركيا وروسيا ومجموعة من الجهات الخارجية الأخرى قد خصصت موارد صغيرة نسبيًا ولكنها كافية للحفاظ على مصالحها التي تمتد إلى ما بعد الانتخابات، كما ستحتفظ روسيا بنفوذ كبير على قطاع النفط والغاز وستكون في وضع جيد للاستفادة من تطوير هذا القطاع في المستقبل.

وقال المجلس الأطلسي إنه مع ذلك تستمر الولايات المتحدة في الدفاع عن قيمة الانتخابات بغض النظر عن شرعيتها أو سياسات القوة التي تلعبها، ويصبح السؤال إذن كيف ولماذا فقدت الولايات المتحدة نفوذها الاستراتيجي في ليبيا؟ لافتا إلى أن نفوذ روسيا في أماكن مثل سوريا وأوروبا الشرقية والآن البحر المتوسط، هي أماكن يجب أن تستخدم فيها الولايات المتحدة الموارد لتحقيق مكاسب استراتيجية لمنافسة القوى العظمى مع الصين وروسيا بدلاً من معالجتها بشكل فردي أو عدم معالجتها على الإطلاق.

وأوضح المجلس أن ليبيا هي أحدث مثال تُظهر فيه الولايات المتحدة ووزارة الدفاع الأمريكية، على وجه الخصوص، عدم التوافق بين الخطاب والواقع والاعتقاد بأن هذه المنافسة تركز بشكل أساسي على الأمن، مؤكدا أن ليبيا أيضًا هي المكان الذي فشلت فيه الولايات المتحدة في إدراك الدور الرئيسي الذي تلعبه موارد الطاقة في هذه المساحات التنافسية الإقليمية والتصرف بناءً عليه.

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة