بيان حفتر الأخير.. بحث عن الوجود أم حتمية الانخراط بالسياسة

بعد مرور أقل من 3 أشهر من تشكيل السلطة الجديدة, وبدئها في الممارسة الفعلية لمهامها، والمفترض انصرافها إلى جميع المدن الليبية، يصنع حفتر الحدث في مدينة بنغازي بعد منع مليشيات مسلحة تتبع له وفد الحكومة من دخول المدينة، ما اضطرهم إلى العودة إلى طرابلس.

توالت ردود الفعل المستنكرة للواقعة بشكل واسع على المستوى الشعبي، وبصورة أقل على المستوى الرسمي المحلي وحتى الدولي خلال اليومين التاليين للحدث، ودون أن يصدر في حينها أي توضيح من حفتر حول الأسباب والمسوغات.

وبالتزامن مع عقد الحكومة اجتماعها مساء الثلاثاء في طرابلس والذي كان من المفترض أن يعقد في بنغازي، أصدرت من تسمي نفسها “القيادة العامة” بيانا تحدثت من خلاله عن الواقعة.

بيان دون إجابات

لم يقدّم حفتر في بيانه إجابات عن الأسئلة التي أثيرت عقب الحادثة، بل كانت لغة بيانه غير مخالفة للمعهود والمتوقع، ومثلت امتدادا لخطاب واحد لم يجد حفتر بديلا عنه منذ سنوات.

تحدث البيان عن ” شائعات ينشرها أعداء ليبيا ” بأن بنغازي غير آمنة وهو ما تسبب بإلغاء اجتماع الحكومة, وركزت لغته على مهاجمة ما سماها “وسائل إعلام تابعة لتنظيمات إرهابية” على أنها تروج لهذه الفكرة التي وصفها بالكاذبة، على الرغم من أن ما حدث وما تم تداوله في وسائل الإعلام، هو منع مليشات مسلحة وفد الحكومة من الدخول إلى بنغازي، دون أن يعتذر حفتر عما جرى من محاصرة مطار بنينا أو يتحمل المسؤولية في المدينة الأكبر التي يسيطر عليها، وقد زعم أنه حررها منذ نحو أربع سنوات.

اللافت في البيان أنه تحدث عن طبيعة علاقة حفتر ومليشياته مع الحكومة، في موضع لا حاجة فيه للإشارة، حيث أكد على عدم وجود أي رابط معها وحتى على “مستوى التواصل”, ما يثير تساؤلات عن رسائل حفتر التي يريد توجيهها مباشرة للحكومة خصوصا مع غيابه شبه الكامل عن المشهد السياسي الداخلي وتراجعه في سلم أولويات الحراك الدولي تجاه ليبيا.

وجاء أيضا في البيان “القيادة العامة ترحب بعقد اجتماع مجلس وزراء الحكومة المؤقتة في أي منطقة من المناطق التي تؤمنها وخاصة في مدينة بنغازي، بالتنسيق مع وزارة الداخلية وأجهزتها في مدينة بنغازي”، ويبدو من سياق الترحيب بعقد اجتماعات الحكومة في المدينة هو تعليقه شرطا بالتنسيق مع ماوصفها بالأجهزة الأمنية، في محاولة من الرجمة للفت الانتباه والعودة إلى صفحات المشهد الرئيسة.

رسائل للخارج

وعلى الرغم من حمل البيان لرسائل مبطنة للحكومة وسلطة البلاد ككل، إلا أن استخدام نغمة محاربة الإرهاب، والجريمة، والحديث عن مؤامرات، وغيرها، يظهر أيضا رغبة لاستخدام لغة اعتاد حفتر على استعمالها لتأكيد أهمية وجوده أمام الدول الخارجية.

إلا أن هزيمته في عدوانه على طرابلس، وتراجع التعويل عليه كورقة عسكرية رابحة من قبل الدول المنخرطة, جعل من السير في المسار السياسي ضرورة صنعت من خلالها جميع الدول خطابا “شبه موحد” تجاه الملف الليبي وعمليته السياسية.

وهذا ما يجعل صدورالبيان في حد ذاته، وبعد يومين من الحادثة، وحديثه عن ترحيب عقد الحكومة لاجتماعها في بنغازي هو إقرار بأن نغمة محاربة الإرهاب والمؤامرات لم تعد تطرب آذان الدول الخارجية، التي تتسابق الآن لدعم العملية السياسية، لمحاولة تحقيق مكاسبها في ليبيا، في ظل شبه يقين بتعقد الحل العسكري وحتمية الانخراط في السياسة للحفاظ على المصالح.

الحكومة تتعهد بتوحيد الجيش

بالتزامن مع صدور البيان كانت الحكومة تعقد اجتماعها العادي الثالث لمجلس الوزراء في طرابلس, وفيما بدا وكأنه رسالة “حاسمة” من قبل الحكومة قال الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية محمد حمودة، إن الحكومة تذكر كافة مؤسسات الدولة العسكرية بضرورة العمل تحت المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى.

وأكد حمودة سعي الحكومة لتوحيد المؤسسة العسكرية، ونقل حمودة عن الدبيبة تأكيده في الاجتماع بأن هناك أطرافا لم تستوعب بعد الفرصة التاريخية التي أمام الليبيين لتأسيس دولة حقيقية، وأن الحكومة ماضية في زيارة كل المدن ومنها بنغازي.

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة