بوزنيقة والآمال العريضة

التئم وفدا برلمان طبرق والمجلس الأعلى للدولة في بوزنيقة الجمعة الموافق الثالث من أكتوبر بعد شكوك حول التأجيل الذي تكرر والذي فسره البعض بفشل جهود الجمع بين رئيسي الكتلتين، خالد المشري وعقيلة صالح.

والحقيقة أن تتبع أخبار الاجتماع تشير إلى وجود اضطراب حول أجندة الجولة الثانية حيث تنقل كل المصادر الإخبارية أن ما سيتم نقاشه هو معايير اختيار المسؤولين للمؤسسات السيادية، وهو ما وقع فعلا في الجولة الأولى من مفاوضات بوزنيفة؟!

المسألة الأخرى المثيرة للاهتمام والتي تثير شكوكا حول النتائج التي يمكن أن تتحقق من مفاوضات المغرب هي الازدواجية في معالجة ملف المصرف المركزي ومن يمكن أن يتولى إدارته، فالأخبار تؤكد أنه كان من ضمن أجندة المتفاوضين في سويسرا الأسبوعين الماضيين، فعلى أي أساس تم استثناؤه من جولات بوزنيقة؟!

والأهم عندي هو الخلافات داخل كل جبهة حول مسار التفاوض، حيث يواجه عقيلة صالح ضغوطا وصلت إلى درجة اتهامه بالخيانة من بعض الأطراف، فيما تعلو موجة السخط من المجلس الأعلى للدولة ورئيسه خاصة بعد تصريحه من أن المصرف المركزي يمكن أن يكون من حصة جبهة طبرق في حوار تقاسم المناصب الحيوية.

الخلافات داخل جبهة طرابلس أكثر حدة واتساعا والسبب ليس التناقضات والخلافات بين المكونات السياسية والرموز الفاعلة فحسب، بل هو بعض آثار الحريات العامة التي تجعل الجميع معرضا لنيران النقد بما في ذلك المسؤولون الكبار، وهو المفقود في جبهة طبرق، حيث المسموح به هو ما يقبل به حفتر والاستثناء موجود لكنه محدود وخافت الصوت.

أجواء التفاؤل التي تحدث عنها المتفاوضون في بوزنيقة وهلل بها المعنيون بالملف الليبي من أطراف دولية مهمة قد تتبدد عند الوصول إلى النقطة الحيوية وهي إسقاط المعايير التي تم الاتفاق عليها من خلال تسمية المرشحين للمناصب الحيوية، وسيكون ذلك الاختبار الحقيقي للأجواء الإيجابية التي سادت في الجولتين.

وأعتقد أن المسارات التفاوضية ربما لن تحقق المرجو منها في ظل الوضع السياسي الراهن والنفوذ الذي تتمتع به قوة مؤثرة وفي مقدمتها حفتر وداعميه الخارجيين وأنصاره في الداخل، وبالتالي فإن أي اختراق حقيقي يتطلب ضغوطا داخلية في شكل موجة سخط شعبي قوية كالموجة التي سبقت وأكبر، وتنسيقا واسعا بين الفواعل السياسية والعسكرية والمدنية التي تشكل الغالبية من النشطاء خاصة في المنطقة الغربية حيث سقف الحريات أكثر ارتفاعا، فمن يسمح لهم بالتحرك والفعل في الشرق هم فقط أنصار حفتر، وأيضا أنصار عقيلة صالح ولكن فقط في مناطقهم الممتدة من شرق البيضاء وحتى طبرق، والتي يعجز حفتر عن إخضاعها بشكل كامل.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي القناة وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً

Author
مدير المركز الليبي للبحوث والتنمية.. بكالوريوس اقتصاد وماجستير علاقات دولية.. صدر له عدة كتب…
Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة