تفويض حفتر.. حلقة جديدة في مسار انقلاباته على حلفائه

رغم الخروج المفاجئ لحفتر ومضمون خطابه الذي طرح من الأسئلة أكثر مما طرحه من أجوبة، إلا أنه لا أحد من الأطراف ذات العلاقة بالشأن الليبي، أبدت اهتماما أو علقت على ما قاله، فكان طلب حفتر التفويض رغم السلطات التي يتمتع بها في مناطقه، صيحة في واد لم يجد لها المحللون أي تفسير منطقي، خاصة في ظل الخسائر الفادحة التي مني ببها في غرب ليبيا.

الخميس الأسود
الخميس الذي رسخ في الذاكرة العربية المعاصرة بالأسود، وفي عادات شعوب المشرق العربي بإقامة المناسبات الاحتفالية فيه لتزامنه مع بداية العطلة الأسبوعية، ويحتفون بقدومه بعبارتهم المشهورة “هلا بالخميس”، اختاره حفتر للتوجه بخطاب لجماعته التي يسميها مجازا بالشعب الليبي.

خطاب حفتر صدى لهزائمه
خطاب حفتر الذي بدا مسجلا بحسب عديد المحللين، وبعيدا عن حيزه الزمني الذي بث فيه، لم تكن له سياقات منطقية كما في السابق مثل إعلان عدوان الفتح المبين، أو ساعات الصفر الفاشلة، ولا يمكن في المقابل أن يكون دون سياقات، وبالنظر إلى الأحداث التي أشار إليها حفتر في الخطاب، فلا شيء قد حدث إلا هزيمة مرتزقته النكراء في مدن الساحل الغربي، ومحاصرة قاعدة الوطية الجارية، أما موضوع ترهونة وإن بدا لاحقا لزمن تسجيل الخطاب فإنه قد علم عند بثه.

الانقلاب على الانقلاب
مطالبة حفتر بـإصدار إعلان دستوري جديد يمهد لبناء الدولة المدنية، واتهام المجلس الرئاسي بالتسبب في انتهاء صلاحية الاتفاق السياسي، الذي لم يعترف به يوما، ودعوته ما سماه الشعب للتفويض لمؤسسة صالحة لقيادة المرحلة المقبلة وإدارة شؤون البلاد، والمقصود المؤسسة العسكرية التي يترأسها، كلها إشارات واضحة بحسب محللين إلى ترتيبات ما بعد الهزيمة في معركة طرابلس وخسارة المنطقة الغربية برمتها.

تركيا شماعة الهزيمة
تزامن خطاب حفتر في ذات الخميس، مع تعليق مدير إدارة التوجيه المعنوي بقوات حفتر، هزيمتهم لمدن الساحل الغربي على شماعة التدخل التركي خلال تدخل بقناة العربية، وتقاطعه مع وصف حفتر الاتفاق بين حكومة الوفاق والحكومة التركية بـالعمالة من أجل تمكين الغزو التركي من البلاد، عده مراقبون تهيئة للرأي العام في المنطقة الشرقية، للقبول بهزيمة مرتقبة في طرابلس وتحويلها إلى وقود لمعارك وهمية أخرى، أساسها إنقاذ الوطن من احتلال أجنبي تركي، بعد فشل أسطوانة الإرهاب.

الخوف من خسارة برقة
السيناريو الأقرب إلى تفسير طلب حفتر التفويض بحسب بعض القراءات، هو عزل عقيلة صالح وبرلمانه، والثني وحكومته، رغم تجاهله لوجودهما من قبل، وتشكيل مجلس عسكري يترأسه على طريقة السيسي وإن كان مشوها، وهو السبيل كي لا يخسر برقة بعد خسارته الغرب الليبي، ويلعب دور الزعيم كما فعل في 2014 ويظل محور السلطة والقرار.

انتكاسة العسكر
حفتر الذي لا يقبل بغير الزعامة ولا يرضى بغير البدلة العسكرية، تعد مطالبته بتفويض شعبي انتكاسة لزعامته، فقد مكن من قبل من كل السلطات، ولكنه فشل فيما وعد به، ويبحث عن شماعة أخرى يبرر بها انقلابه المتكرر على شركائه مثلما فعل مع شركائه في ثورة فبراير في 2014 ومن قبلها مع شريكه القذافي، والآن جاء الدور على عقيلة صالح الذي شرعن منصبه على مقاسه، والذي خرج في ذات الخميس بمشروع مدني في ظاهره انقلابي في جوهره، استبق به خطاب حفتر، ولا يعلم إن كان لخلاف بينهما أو لتبادل أدوار، ولكن ذلك الخميس سيظل أسود حتى تنقشع النوايا ولن تتأخر.

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة