نيويورك تايمز تكشف كواليس وارتدادات مكالمة حفتر وترامب أبريل الماضي

كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية المضمون “الدقيق” -وفق مصادرها- لمهاتفة حفتر مستشار الأمن القومي سابقا بالبيت الأبيض جون بولتون، إلى جانب كواليس المكالمة “ذات الأثر الجدلي” مع رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب في أبريل الماضي.

وتحدد الصحيفة في تقريرها، أوائل الربيع الماضي موعدا لمكالمة قالت إن حفتر أجراها مع بولتون، قبيل “المؤتمر المخطط له للسلام” بدعم الولايات المتحدة بين “الفصائل المتحاربة” في ليبيا.

طلب حفتر وجواب بولتون

وتواصل نيويورك تايمز أن عميل الـ “سي آي أي” السابق حفتر أراد مباركة البيت الأبيض لهجوم مفاجئ غرضه الاستيلاء على العاصمة طرابلس، قبل بدء محادثات السلام تلك، وهنا تؤكد الصحيفة: “بولتون لم يقل لا”.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول سابق وصفته بالرفيع في الإدارة الأمريكية، أنه عندما طلب حفتر الموافقة، كانت إجابة بولتون “ضوء أصفر”، وليس أخضر أو أحمر.

ثم أوردت نيويورك تايمز عن 3 دبلوماسيين غربيين قالت إنهم اطلعوا على تلك المكالمة، إذ قال بولتون لحفتر: “إذا كنت ستهاجم، فافعل ذلك بسرعة”، وفقا للدبلوماسيين الثلاثة، تقول الصحيفة.

وزادت نيويورك تايمز عن الدبلوماسيين الثلاثة أن حفتر اعتبر ذلك بمنزلة الموافقة الصريحة.

“ديكتاتوري المفضل”

وتقول نيويورك تايمز إن حملة لجعل البيت الأبيض يساند حفتر بدأت بمجرد انتخاب ترامب.

وأفادت بأن ولي عهد الإمارات محمد بن زايد، أشاد بحفتر لأعضاء فريق السياسة الخارجية للسيد ترامب في اجتماع سري في نيويورك في ديسمبر 2016، وفقا لشخص مطلع على اللقاء.

ونقلت أيضا أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي -الذي سماه ترامب مازحا “ديكتاتوري المفضل”- تحدث عن قضية حفتر أيضا بعد 5 أشهر عندما زار البيت الأبيض.

وقال أندرو ميللر العضو بمجلس الأمن القومي في بداية إدارة ترامب، وهو الآن باحث في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، وهي منظمة غير ربحية في واشنطن: “كان حفتر نقطة حوار أساسية في كل اجتماع مع المصريين والإماراتيين”.

تأثير الدومينو..!

وذكرت الصحيفة أن بن زايد والسيسي أخبرا ترامب أن الحكومة الليبية كانت ضعيفة بشكل ميؤوس منه ومليئة بالإسلاميين، وأن حفتر هو وحده القادر على منع الإسلاميين من الاستيلاء على السلطة في طرابلس، “وهو ما قال الزعماء العرب إنه سيخلق تأثير الدومينو (يؤدي الى الخراب) في جميع أنحاء المنطقة”، بحسب اثنين من كبار المسؤولين السابقين في الإدارة.

وتستدرك الصحيفة أنه مع ذلك فإن حفتر خلق بهدوء تحالفا مع فصيل منافس من المتطرفين المحافظين على الطراز السعودي المعروفين باسم السلفيين.

وأردفت أن بن زايد والسيسي عندما كانا يضغطان على ترامب، تجاهلا هذا التناقض حيث كانوا يعملون في الوقت نفسه بشكل وثيق مع روسيا.

وكانت مصر قد فتحت قاعدة روسية سرية لتزويد قوات حفتر، وهو أمر يقلق المسؤولين الغربيين المتضايقين من نفوذ موسكو المتزايد، وفق الصحيفة.

وتابعت أنه على الرغم من ذلك، وجد الزعيمان العربيان أذنا متعاطفة في بولتون، الذي أصبح مستشارا للأمن القومي في ربيع عام 2018 وقاد سابقا مركز أبحاث يمينيا متطرفا معروفا بهجمات كاسحة على الإسلام السياسي.

ثم جاءت مكالمة بولتون الهاتفية مع حفتر الربيع الماضي في لحظة حرجة، وفق تعبيرها.

“مفاجأة هائلة بالمجتمع الدولي”

وتابعت الصحيفة نقلا عن مسؤولين في البيت الأبيض أن السيسي ضغط على الرئيس ترمب شخصيا العام الماضي في 9 أبريل، وبن زايد عبر الهاتف في 18 أبريل، لمساندة حفتر.

وفي اليوم التالي قال البيت الأبيض في بيان له إن الرئيس اتصل بحفتر للإشادة “بدوره المهم في مكافحة الإرهاب”، وبعد يوم واحد من المكالمة، بدأت قوات حفتر قصف الأحياء المدنية في طرابلس، وفق النيويورك تايمز.

ونقلت عن السفير البريطاني في ليبيا بيتر ميليت حتى عام 2018، أنه “بدا الأمر كما لو أن الأمريكيين كانوا يبدلون الأطراف بطريقة لا معنى لها”، مشيرا إلى أن حكومة طرابلس كانت الشريك الليبي الرئيسي لجيش الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، مردفا “كان هناك ارتباك ومفاجأة هائلة في المجتمع الدولي”.

مغادرة القوات الأمريكية لليبيا

أذهل هجوم 4 أبريل العالم، وغادرت حينها القوات العسكرية الأمريكية المدينة على عجل، كما كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قد وصل لتوه إلى طرابلس لإجراء محادثات السلام، وحث حفتر على التراجع، وهي رسالة أقرها وزير الخارجية مايك بومبيو، كما جاء عن الصحيفة.

وتلفت النيويورك تايمز أنه قبل الهجوم بدت بعض تمهيداته عندما نقل حفتر عند اقتراب “محادثات السلام”، قواته إلى مدينة إستراتيجية جنوب طرابلس، وكان على وشك شن حملته مفاجئ.

نتائج عكسية

وتؤكد نيويورك تايمز الأمريكية أن حفتر فشل لاحقا في الاستيلاء على طرابلس، وأعاد الحرب الأهلية وخلف الآلاف القتلى وشرد مئات الآلاف الآخرين.

وتتابع الصحيفة الأمريكية أن القتال أفضى إلى قطع تدفق النفط الليبي وخلق تقلبات جديدة في المنطقة وقلل بشدة من نفوذ واشنطن.
موقف هش أطال الفوضى

وزادت النيويورك تايمز أن موقف واشنطن غير المتسق بشأن ليبيا لعب دورا رئيسيا في إطالة أمد الفوضى، رغم أنه يعلن دعمه رسميا عملية السلام في ليبيا حتى عندما قال البيت الأبيض إن الرئيس ترامب يفضل حفتر، وفق الصحيفة.

وتقدر النيويورك أن غياب سياسة أمريكية قوية فتح الباب أمام تدخل الشركاء الأمريكيين المتنافسين، بما في ذلك تركيا ومصر والإمارات، فضلا عن روسيا التي بدا دعمها أكثر من واضح، بل إنها ربحت المنافسة أمام أمريكا، وفق الصحيفة، كما سيأتي مفصلا في جزء آخر من المقال نفسه ستنشره الأحرار في وقت لاحق.

أمريكا تواجه علنا تناقضاتها

وخلال جلسة استماع لمجلس الشيوخ الأخيرة بشأن ليبيا، تساءل المشرعون: “كيف لواشنطن أن تعيب روسيا لدعمها العميل حفتر عندما يبدو أن البيت الأبيض نفسه معجبا به أيضا”. وفق الصحيفة.

وتابعت أن المشرعين الأمريكيين القلقين بدأوا يتساءلون كيف يبدو أن البيت الأبيض انتهى به المطاف لدعم الجانب نفسه الذي تدعمه موسكو.

وقال السيناتو الجمهوري عن ولاية يوتا ميت رومني في الجلسة تلك، إن الرئيس بدا “يميل إلى دعم حفتر” حتى عندما بدا أن وزارة الخارجية تعارضه. متسائلا “هل هناك تناسق في العمل؟”.

صرح حينها مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، بغضب: “يمكنني القول بشكل لا لبس فيه: تحن لا ندعم هجوم حفتر”.

Total
0
Shares
مقالات ذات صلة