جريمتا “البكوش” و”سرقيوة”.. بين الدولة المدنية وحكم العسكر

بيـنت حادثة مقتل الشاب “رشيد البكوش” في أحد شوارع العاصمة طرابلس عصر الخميس الموافق الثالث من أكتوبر الجاري، مسألة تعامل أجهزة الدولة مع مثل هذه الوقائع، وكيفية تحقيق العدالة وإنفاذ القانون.

ففي الوقت الذي استطاعت فيه داخلية الوفاق القبض على المتهم في القضية؛ لا تزال في المقابل حكومة الثني تماطل في الكشف عن ملابسات اختطاف سرقيوة بعد مرور أشهر عن الجريمة.

رد سريع وإجراءات حازمة
48 ساعة كانت كافية لتتوصل خلالها وزارة الداخلية؛ إلى هوية القاتل بل والقبض عليه، حيث أكدت مديرية أمن جنزور تسلمها من مديرية الزاوية “عاصم البشتي” المتهم بقتل “رشيد البكوش” وجرح شقيقه؛ بعد إطلاق النار عليهما في أحد شوارع منطقة السراج بالعاصمة طرابلس.

مصير سرقيوة مجهول!
في الجهة الأخرى من البلاد الخاضعة لسيطرة الحكم العسكري؛ مضت نحو ثلاثة أشهر حتى الآن على اختطاف عضو مجلس النواب عن بنغازي “سهام سرقيوة” من داخل منزلها، ليظل مصيرها مجهولا حتى الآن.

شقيق سرقيوة صرح قبل أيام لموقع بريطاني (ميدل إيست آي) بأنه لا يعتقد أنها على قيد الحياة، وأكد أنه لم تعلن أي مجموعة مسؤوليتها عن الحادثة أو تطلب فدية مقابل إخلاء سراحها، غير أن الرسالة التي كتبت على جدران المنزل أن “الجيش خط أحمر” تمثل اعترافا بتورط قوات حفتر في الواقعة.

الحكم المدني وحكم العسكر !
جريمتا البكوش وسرقيوة تكشفان وفق متابعين حجم الفوارق بين سلطة يرفع مسؤولوها شعار مدنية الدولة وبين سلطة حكم العسكر؛ في التعاطي مع حياة المواطنين وأمنهم وسلامهم الاجتماعي؛ وبين دولة المؤسسات التي تقوم فيها أجهزة الدولة بواجباتها على أكمل وجه فضلا عن حرية انتقاد أعلى سلطة فيها دون أن ينتهي بهم الأمر وراء القضبان أو جثثا مرمية في أحد الشوارع؛ وبين حكم العسكر الذي يعمل بكل قوة على إسكات كل الأصوات المخالفة له وقمعها حتى وإن كان صوت نائبة منتخبة من الشعب تتمتع بحصانة برلمانية.

بسط القانون
وفي أول رد فعل لها عقب مقتل البكوش أعلنت داخلية الوفاق وعلى لسان وزيرها “فتحي باشاغا”؛ عزمها إطلاق حملة قوية ضد المجرمين والتصدي للجرائم اليومية التي تروع المواطنين لأنها أحد أشكال الإرهاب.

وطالبت الداخلية مجلس رئاسة الوزراء بإعلان حالة الطوارئ واتخاذ الإجراءات والتدابير الاستثنائية لمواجهة العصابات الإجرامية وفرض الأمن، قائلة إنها ستتصدى للجرائم اليومية، بالتوازي مع تصديها للإرهاب والتطرف والهجوم الغاشم لحفتر واعتدائه على العاصمة.

فشل في تحديد المجرمين
في المقابل حمـل وزير داخلية حكومة الثني “إبراهيم بوشناف” في أول خروج له بعد اختطاف سرقيوة، حمل المسؤولية في القضية لأحد أفراد أسرتها الذي قال إنه أربك العمل الأمني بتصريحه بأنها غير موجودة بالبيت لحظة الهجوم، ثم خرج بوشناف بعد ذلك واتهم جماعات قال إنها إرهابية أو خلايا نائمة، بالوقوف وراء عملية اختطاف سرقيوة.

بوشناف أكد وقتها أن القضية ما تزال قيد التحقيق والبحث ولم يغلق ملفها بالكامل، فاستغرقت وزارة حكومة الثني حتى الآن نحو ثلاثة أشهر لفك طلاسم غياب سرقيوة ولم تفعل.

الرهان على الحكم المدني
ويبقى الرهان على أن الحكم المدني كحال الدول المتقدمة والذي يدعو المجتمع الدولي إلى تطبيقه في ليبيا بدعمه حكومة الوفاق المعترف بها شرعيا، هو الحكم الذي تسوده سلطة القانون.. وفي الاتجاه الآخر لا صوت يعلو فوق صوت البندقية بفعل حفتر وأتباعه.

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة