أكد المجلس الرئاسي في بيان أصدره الاثنين ردا فيما يبدو على بيان نيويورك، عزمه دحر من وصفه بمجرم الحرب خليفة حفتر وميليشياته، مجددا رفضه أي حوار مع من لا يؤمن بقيام دولة مدنية ديموقراطية ومن تلطخت يداه بدماء الليبيين، حسب تعبير البيان.
لا وقف لإطلاق النار دون عودة حفتر
بين ليبيا والسلام بندقية .. وهي العقبة في كل التسويات السياسية.. وعليه فإن مؤتمر برلين المرتقب لن ينجح ما لم تنتزع بندقية حفتر المرفوعة في وجه عاصمة البلاد منذ قرابة النصف عام، ورغم تأكيد بيان نيويورك على استحالة الحل العسكري للأزمة الليبية، ودعوته لوقف فوري لإطلاق النار، دون شروط مسبقة من أي طرف، وإزالة الأسلحة الثقيلة والمدفعية من الخطوط الأمامية، والامتناع عن استخدام الحروب الجوية، إلا أن هذه الصياغة كانت حروفا بلا نقاط، فوضع بيان المجلس الرئاسي تلك النقاط في محلها، قائلا إن أي حديث عن وقف إطلاق النار يرتبط بانسحاب القوات المعتدية من حيث أتت ودون شروط، وهذا الموقف معلن في أكثر من مناسبة، فهل تجاهله في بيان نيويورك مقصود؟
ثمة ثوابت وليست شروطا
إذا كان المجتمع الدولي الساعي إلى التوسط في حل الأزمة الراهنة في البلاد، يرفض الشروط من كل الأطراف للتقدم في العملية السياسية، فإن الرئاسي يعتبرها ثوابت أساسية وليست شروطا، ومن بين تلك الثوابت، أن يكون مؤتمر برلين أو أي مؤتمرات مقبلة قائما في مرجعيته على اتفاق الصخيرات السياسي وما انبثق عنه من أجسام، والامتناع عن التعامل مع أي جهات أو مؤسسات موازية، وأن المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس هي المؤسسة الشرعية الوحيدة.
وضع النقاط على الحروف
وفي هذا السياق رد الرئاسي على بيان نيويورك بأن حشر لقاء أبوظبي ضمن المرجعيات المعتمدة للحوار المقبل إلى جانب مؤتمري باريس وباليرمو، مغالطة مرفوضة لأنه حسب بيان الرئاسي لم يكن إلا لقاء تشاوريا ولم يخرج بأي توافقات، وبأن الاتفاق الوحيد حول اجراء انتخابات بتواريخ محددة كان في مؤتمر باريس وأكده باليرمو، لكن ما سماه الطرف الآخر لم يلتزم به، وهذا الطرف نفسه هو الذي أفشل بحسب بيان الرئاسي، الملتقى الوطني الجامع الذي كان مقررا في مدينة غدامس أبريل الماضي، والذي يعتبره الرئاسي الحل السياسي الوحيد تحت إشراف الأمم المتحدة وهو ما يتفق كذلك مع مبادرة السراج لحل الأزمة.
وإذا لم يختلف بيان نيويورك في الدعوة إلى إعادة توحيد المؤسسات الليبية، مع ما كان يدعو إليه الرئاسي فإن بيانه الأخير زاد عليه بأن تكون المؤسسة العسكرية تحت السلطة المدنية للمجلس الرئاسي وألا حديث عن إنشاء مجلس للأمن الوطني خارج الاتفاق السياسي وقبل إنهاء كافة الأجسام الموازية.
لا إقصاء في التحضير لمؤتمر برلين
ولضمان التزام الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة في الملف الليبي، فقد طالب السراج بعدم إقصاء أي طرف دولي في أي تسوية قادمة لاسيما التحضيرات الجارية لمؤتمر برلين، خاصة في ضوء بيان نيويورك الذي يشوبه غموض رغم موقف المجلس الرئاسي الواضح والحاسم بخصوص محاورة حفتر أو القبول بوقف إطلاق النار دون انسحاب لقواته حتى الرجمة، أو القفز على اتفاق الصخيرات وعلى ما أفرزه من أجسام.
وبعيدا عن المناورات والاعتبارات الديبلوماسية وما يسمى باللغة الخشبية التي تقول ولا تفصح، فإن بيان الرئاسي كان جوابا واضحا عن كل مراوغات بيان نيويورك وكشف بصمة الأطراف المؤثرة في الصياغة والضالعة في الصراع، وأن الطريق إلى السلام دونها حفتر، فلا سلام في ليبيا مادام فيها.