مناطق الجنوب تفقد أمنها رغم ادعاءات حفتر بسط الأمن فيها

رغم تباعد المسافة بين طرابلس والمنطقة الجنوبية، إلا أن الحرب التي تدخل شهرها الرابع على العاصمة، مازالت تلقي بتأثيراتها السلبية أيضا على أمن الجنوب، ولأن مشروع حفتر العسكري الذي قاد حملاته المتكررة في المنطقة، لم يكن ذا بعد أمني حقيقي، فقد عادت التواترات والاختراقات مرة أخرى لتؤكد هذه الحقيقة بحسب ما يراه محللون عسكريون.

عودة التوتر القبلي لمرزق بعد تأجيجه بدخول قوات حفتر

ففي مرزق أفاد مصدر إعلامي للأحرار باندلاع اشتباكات بحي القروض شمال المدينة عقب هجوم من قبل مسلحين بدوافع قبلية، أسفرت عن مقتل مواطن وجرح عدد من الأشخاص إضافة إلى نزوح المواطنين من موقع الاشتباكات باتجاه الأحياء الآمنة.

ومنذ انسحاب قوات حفتر من مرزق في مارس الماضي لم تتوقف التواترات الأمنية بالمدينة مخلفة نحو 30 قتيلا وإحراق العديد من ممتلكات المواطنين، فيما لم تفلح مساعي المصالحة المحلية في رأب الصدع بين المكونات الاجتماعية بالمنطقة، لأسباب قديمة وأخرى أثارها تدخل قوات حفتر العشوائي.

استعراض عسكري عقد الأزمة

وفي 20 فبراير الماضي اقتحمت قوات حفتر مدينة مرزق وسيطرت على البوابة الرئيسة فيها، بعدما أشيع من أن عناصر من المعارضة التشادية تعبث بأمن المدينة وتعتدي على ممتلكات المواطنين بها، غير أنها سرعان ما انسحبت بعد عمليات تمشيط خلفت حرقا ونهبا لمنازل بعض المواطنين وقتل ما لا يقل عن 18 أسيرا من مكون التبو وجدت جثامينهم مقيدة الأيدي في مقابر جماعية متفرقة على أطراف المدينة.

وقد تعالت حينها عدة أصوات من وجهاء التبو طالبت بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في الانتهاكات والتدخل العاجل لحماية المدنيين، محملة المسؤولية الجنائية عما حدث في مرزق لقيادة عملية الكرامة.

تداعيات تدخل حفتر في مرزق

ورغم محاولة المجلس الاجتماعي لحوض مرزق وضع ميثاق للتعايش السلمي بين مكونات المدينة، وتشكيل غرفة أمنية مشتركة للحد من الانفلات الأمني، إلا أن تلك المحاولات لم تفلح حتى الآن في القضاء نهائيا على الخلافات القبلية، وإرساء حالة مستدامة من السلم الأهلي في المدينة، فقد تجدد التوتر مرة أخرى في يونيو الماضي حيث شهدت مرزق اشتباكات مسلحة منذ أول أيام عيد الفطر، خلفت نحو 20 قتيلا، وماتزال مكونات المدينة تتهم التدخل العسكري لقوات الكرامة في مرزق، بالمسؤولية عن إحداث شرخ اجتماعي كبير بين القبائل.

سبها ضحية أخرى لتدخلات حفتر

وعلى غرار مرزق شهدت سبها عودة الاحتقان والتوتر إثر مقتل آمر الغرفة الأمنية المهدية أحمد القذافي من طرف مجهولين يستقلون سيارة معتمة، وهو ما دفع مجموعة من أقارب القتيل بحسب مصادر للأحرار، إلى غلق الطريق الدائري المهدية بالإطارات، رغم محاولة فرع الإدارة العامة للدعم المركزي التابعة لحكومة الوفاق منذ أسبوعين، تسيير دوريات والمجاهرة بالأمن.

وكانت المدينة تعاني منذ فترة عدة خروقات أمنية كان أبرزها مقتل شخصين من مندوبي المحلات أثناء عملية نقلهم للسيولة؛ سبقها هجوم مسلح لتنظيم الدولة على أحد مراكز التدريب أسفر عن مقتل 9 عناصر.

لا أمن في البلاد إلا بأمان العاصمة

ويرى محللون أن كل الجهود المحلية أو تلك التي تقودها حكومة الوفاق في الجنوب عامة، لن ترسخ حالة الأمن المستدام في المنطقة ما لم تتحرر طرابلس نهائيا باعتبارها عاصمة البلاد وقلبها النابض، وتكون في مأمن من مطامع مشروع حفتر العسكري، ومن فوضى السلاح وابتزاز المجموعات المسلحة فيها.

وطالما يتواصل النزاع على فرض السيطرة، والتنازع على أمن الجنوب في ظل واقعه القبلي السائد، وتحديات الحدود وتسرب المقاتلين الأجانب إليه، فإنه لا سلام لمدينة أو منطقة بمعزل عن سلام شامل في البلاد.

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة