الأورومتوسطي يوثق انتهاكات مشينة لقوات حفتر في عدوانها على طرابلس

وثـق المرصـد الأورومتوسـطي في تقرير له على موقعه، الأربعاء، انتهـاكات وصفها بالمفزعـة قامت بارتكابها مجموعـات مسـلحة تابعة لقوات حفتــر خلال عدوانه علــى العاصمــة الليبيــة طرابلــس الــذي بدأ في الرابع من أبريل الماضي.

وينقل التقرير شهادات من أهالي وأصدقاء مقاتلين من الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق الوطني. تؤكد أن قوات حفتر نفذت عمليــات إعدام خــارج القانــون ومثلت بجثــث أسرى بعد تعذيبهم وقتلهم.

شهادة الفقيه حول ما تعرض له أبودبوس من انتهاكات:

من ضمن تلك الحالات ما أورده التقرير من شهادة المقاتل في الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق، محمـد الفقيـه، الذي قال إنه أثناء انسـحابه مـن أحد المواقـع العسـكرية جنوبـي طرابلـس نتيجـة لوقوعـه تحـت ضربـات ناريـة، صـادف عبـد السـلام نـوري أبـودبـوس، وهو أحد المقاتليـن التابعين لقـوة مكافحـة الإرهـاب التابعـة لحكومـة الوفـاق.

وأضاف الفقيه بأنه بعد ذلك اللقاء كان هناك اتصال هاتفي بينه وبين أبودبوس ليتفقا على الانسحاب، غير أن الاتصال انقطع بينهما، وهو ما جعل الفقيــه يتأكد مــن وقوع أبودبوس في أسر قوات حفتر.

وبحسب التقرير، تابع الفقيه بأنه تلقـى فـي اليـوم التالـي اتصالا مـن شخص مجهـول، تبين أنه تابع لقـوات حفتر تحت إمرة فوزي المنصوري الذي يقود غرفـة عمليـات اجدابيـا. وقال الفقيه بأن الشخص المجهول أبلغه بأن هناك شخصا يـود الحديـث معـه، وتبين أن الأسير كان عبد السلام. بعد ذلك طلب الشخص التواصل مع بعض القادة العسكريين التابعين لحكومة الوفاق الوطني من أجل مبادلة عبد السلام بأسرى تابعين لمقاتلي حفتر وقعوا في الأسر شرقي مدينة الزاوية.

ونقل التقرير عن الفقيه قوله بأنه “تحدث إلى آسري عبد السلام وأوصاهم بالحفاظ على سلامته حتى تتم عملية التبادل،” كما أنهم زودوه بمعلومات حول مكان وجود عبد السلام واسم آمر السجن.

وبحسب التقرير فإن الاتصال انقطع مع عبدالسلام منذ الخامس من أبريل وحتى التاسع والعشرين من الشهر نفسه، أي إلى أن “سيطرت الكتيبة 166 التابعة لحكومة الوفاق الوطني على مستشفى السبيعة جنوبي طرابلس، حيث وجدوا عبد السلام جثة هامدة في إحدى ثلاجات الموتى التي فصلت عنها الكهرباء عمدا.”
ويضيف التقرير ما أكده الفقيه من أن شهادة الطبيب الشرعي بينت أن حدوث الوفاة كان بتاريخ 15 أبريل، “أي بعدما تحدث معه عبر الهاتف بعشرة أيام، موضحا أن عبد السلام تعرض للتعذيب بآلة حادة تم وخزه بها في أرجله وأذنيه، وإحداث حفر في مناطق متفرقة من جسده.”

شهادة شقيق الضحية:

وذكر التقرير أيضا أن شقيق عبد السلام، واسمه محمد أبودبوس، قال “إن عائلته تواصلت مع فوزي المنصوري ومحمد البوعيشي (قادة في قوات حفتر) لضمان الإفراج عنه ومبادلته بأسرى آخرين، وقد تلقت عائلته وعودا بالإفراج عنه بمجرد خضوعه للإجراءات العسكرية والبت في أمره، لكن كل تلك الوعود ذهبت أدراج الرياح بمجرد العثور عليه جثة هامدة في مستشفى السبيعة.”

وأكد محمد بأنه صدم عند تسلمه جثة شقيقه، فقد كانت علامات التعذيب الوحشي واضحة على بدنه، منها حروق بأعقاب السجائر حول العين وضرب على مفاصل البدن “إضافة لعلامات تعذيب بالسوط وآلات حادة وطلقة نارية في أذنه اليسرى أدت إلى تهشيم رأسه بالكامل: كما أكدت شهادة الطبيب الشرعي.”

التمثيل بجثة محمد مصباح جبريل:
ووثق التقرير شهادة أخرى نقلها عن شقيق المقاتل التابع للجيش الليبي بحكومة الوفاق الوطني “محمد مصباح جبريل” الذي وقع ضحية للتعذيب والتنكيل بعد أسره على يد قوات حفتر في منطقة عين زارة جنوبي طرابلس.

ويقول شقيق الضحية بأن محمد اختفى في الأيام الأولى من العدوان على طرابلس، فقد تلقى محمد تكليفا عسكريا في الرابع من إبريل للالتحاق بالقوات المدافعة عن العاصمة طرابلس.

وبحسب الشهادة التي نقلها التقرير فإن سيارة عسكرية “كانت تقل محمد تعرضت لقذيفة صاروخية وبقيت في مناطق الاشتباك، وقبل وصول قوات حكومة الوفاق الوطني للسيارة كان محمد قد اختفى من السيارة وبقيت جثتا صديقيه، ما أثار شكوكا حول مقتله.”

عبارات نابية واستهزاء أثناء التنكيل بجثة محمد:

ويضيف شقيق محمد بأنه وبعد محاولات عدة للاتصال بشقيقه عبر الهاتف الذي كان يحمله ، “أجاب أحد مقاتلي حفتر على الهاتف، وأطلق وابلا من الشتائم والتهديدات بالقتل، واستمر في ترديد عبارة “جيفناه جيفناه، ما عاش تدوروه لا تبحثوا عنه مات جيفة الكلاب” (في إشارة لقتله بطريقة بشعة). وبعد وقت قصير، وصلت العائلة صورة لمحمد مقتولا ومعلقا على ظهر دبابة وقد تم ربط ساقه بحبل فيما يتدلى جسمه أسفل الدبابة، وقد تم التنكيل بجثته بشكل بشع وسط ضحك واستهزاء من العناصر التابعين لقوات حفتر ظهروا في الصورة.”

وقد أوضح شقيق محمد بأن جميع المحاولات التي قامت بها العائلة للوصول إلى جثة أخيه باءت بالفشل. وبحسب التقرير فقد وصف شقيق محمد “الحالة النفسية الصعبة التي أصابت زوجة الضحية وابنه بعد مشاهدتهم بعض الصور المتداولة الخاصة بالحادثة، إذ أصبحت جهود العائلة تنصب في الحصول على الجثة ودفنها بما يليق بالإنسان.”

وأكد الشاهد بأنهم لم يتمكنوا من استعادة جثمانه “إلا بعد سيطرة قوات تابعة لحكومة الوفاق على مستشفى السبيعة الذي يحوي جثث القتلى، وقد وصلوا إلى الجثة وهي آخذة في التحلل نتيجة فصل الكهرباء المتعمد عن ثلاجات حفظ الموتى.”

القوانين الدولية والمحلية:

كما أورد التقرير حالات انتهاكات أخرى قامت بها قوات حفتر أثناء اعتدائها على طرابلس، ثم ذكر التقرير باتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولاتها التي تحظر التعدي على الكرامة الشخصية.
كما أن القانون الدولي الإنساني “أوجب عدم اللجوء إلى المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة وإن تعلق الأمر بجثث الموتى من الأعداء، كما ألزم أطراف النزاع بضرورة البحث عن جثث القتلى من الطرف الآخر، واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لمنع إهانتها أو التمثيل بها.”

كما أن قانون العقوبات الليبي ينص على أن “إهانة الجثث جريمة تستوجب المساءلة والملاحقة القانونية، إذ نصت المادتان 293 و294 من قانون العقوبات الليبي على تجريم إتلاف الجثث وإعدامها.”

وطالب التقرير المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية “بفتح تحقيق فوري في الجرائم المرتكبة بحق الأسرى الليبيين على يد قوات حفتر، والإسراع في تقديم الجناة للعدالة، لما تشكله هذه الجرائم من تهديد للأمن والسلم الدوليين، إضافة إلى كونها تمثل انتهاكا سافرا للقانون الدولي، ولميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية بشكل خاص.

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة