مبادرة انتقال سلمي توافقي يطرحها رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج، في خضم المعارك، وغبار الحرب لم ينقشع بعد، فيعتبرها البعض، وهم قلة قليلة، استهانة بدماء المقاومين لعدوان حفتر التي تراق على تخوم طرابلس، لكن جمهرة عريضة رأت فيها ما يخدم القضية العادلة التي يصطف خلفها أنصار الدولة المدنية الرافضين لحكم العسكر.
حديث عن مؤتمر جامع يتوافق الليبيون فيه على موعد لانتخابات رئاسية وبرلمانية، واتفاق ليبي ليبي لاستكمال استحقاقات الانتقال الديمقراطي المتعثر، فيما ينكث حفتر بالعهود ويغدر بمن وضعوا أيديهم في يديه طلبا للسلام وحقنا للدماء، وكأن لسان حال السراج يقول “نحن دعاة سلام، ونرفض أن يضعنا البعض في مصاف من لا يفهمون إلا لغة الحرب والموت والدمار لأننا تصدينا للهجوم الغادر ورفضنا وقف القتال حتى يعود المعتدون من حيث أتوا”.
تكتيك له صدى
البعض اعتبر أن المبادرة فعل سياسي ذكي يتعدى أثره تنبيه الغرب إلى حرص حكومة الوفاق على العودة للمسار السياسي والانتقال السلمي، يتعداه إلى شق صف تجمع حفتر الذي تصدع بنيانه بفعل استماتة من يدافعون عن العاصمة وعن الشرعية.
فقد تحدث رئيس اللجنة التأسيسية للهيئة البرقاوية، عبدالحميد الكزة، أن من بين المكونات السياسية والاجتماعية في الشرق من تلقى دعوة السراج للالتقاء والحوار بترحاب، ويرى محللون أنه من غير مستبعد أن يكون من بين الرافضين لاستمرار الحرب على طرابلس في مدينة ترهونة من سيجد في المبادرة ضالته لإثبات صواب موقفهم والدعوة إلى انسحاب ترهونة من مغامرة حفتر.
حوار من موقع قوة
مراقبون رأوا في طرح أفكار للعودة إلى المسار السياسي السلمي من قبل رئيس حكومة الوفاق بعد نجاحها في صد العدوان، وبعد أن لاحت بشائر هزيمة حفتر، يضعها في مقعد القيادة في حلبة الفعل السياسي، ويجعلها المرجع في رسم ملامح الانتقال والاستقرار، فقد جاءت المبادرة بعد يوم من اجتماع السراج مع آمر الغرفة المركزية ومعاونيه وقادة محاور القتال، الذين أكدوا للسراج أن قوات حفتر تتآكل وجيشه يتقهقر.
وما بين تأييد المبادرة، وهو الموقف الغالب، والتحفظ عليها، وهو موقف القلة، يظل الحكم هو النجاح في كسر شوكة حفتر بشكل نهائي وطرده من تخوم طرابلس منهزما، يقول مراقبون، لكن المبادرة كانت بالون اختبار كانت نتائجه في صالح حكومة الوفاق.