خطة سلامة بين التعديل ومواقف الأجسام السياسية

المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة

أثارت تصريحات رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة الأخيرة بشأن خارطة الحل السياسي في البلاد؛ تباينا حولها من قبل الأطراف السياسية والمراقبين المحليين. حيث قال سلامة في مقابلة مع قناة الحرة في التاسع من يناير الجاري إن خطة العمل الأممية، -بالتنسيق والتشاور مع الأطراف الليبية-، تقوم على إجراء انتخابات نيابية، ثم الاستفتاء على الدستور، لتنتهي بانتخابات رئاسية قبل نهاية العام الجاري 2019.

ويأتي تأخير سلامة للاستفتاء على الدستور وتقديم الانتخابات النيابية التشريعية؛ على قائمة الأمور الجدلية في تصريحات غسان الأخيرة، ما اعتبر تكرارا منه لدعوته السابقة بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قبل اعتماد دستور للبلاد.

عضو مجلس النواب جلال الشويهدي رأى أن سلامة يسعى لإقرار مخرجات مؤتمر باريس ويظهر منه ميل إليها بإصراره على إجراء انتخابات دون أساس دستوري، منوها إلى أن هذا المبدء رُفض فيما سبق بضغط من الأطراف المحلية، حسب قوله.

تجاوز القديم
وقال عضو المجلس الأعلى للدولة أحمد لنقي في مشاركة له الثلاثاء ببرنامج الملف على قناة ليبيا الأحرار إن غسان سلامة يسعى لإخراج الأجسام الثلاثة الحالية من المشهد السياسي، وهو لا يتوانى في إظهار ذلك كما فعل في زياراته الأخيرة لمدينة سبها. وبيّن لنقي أن خروج الأجسام الثلاثة من المشهد السياسي الليبي دون وجود أساس دستوري متين يضمن وجود بدائل حقيقية لن يكون نافعا، مشددا على ضرورة استمرار التوافق بين الأعلى للدولة والنواب لتحقيق ذلك.

من جهته أشار السنوسي بسيكري مدير المركز الليبي للبحوث والدراسات إلى تجاوز سلامة نظريا لكل الأجسام الحالية بدعوته للملتقى الوطني الجامع، والانتقال بذلك إلى مقاربة جديدة. منبها في مداخلته بنفس الحلقة من الملف إلى أن البعثة تتمدد في الفراغات الشاغرة بفعل تناقضات الأطراف وفشلها في التوافق وغياب مبادرتها.

الدستور أولا
وفي سياق متصل أوضح الشويهدي إلى أنه إذا كان هدف بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا المساعدة في حل الأزمة فإنه ينبغي عليها دعم المسار الدستوري والمضي في طريق الاستفتاء على الدستور بالرغم مما يمكن طرحه من ملاحظات عليه، وأن هذا المسار أولى من الدخول في ملتقى وطني جامع مجهولة نتائجه، حسب وصفه. وهو ما أكده الباحث في الدراسات الاستراتيجية عبدالله عثامنة بتشديده على أهمية احترام الأطراف الليبية واحترام الأجسام المنتخبة رغم كل النقص لتمرير الدستور والمرور إلى إنهاء المرحلة الانتقالية.

وتعليقا منه على المدة المتوقعة لإقرار المسار الدستوري أوضح لنقي أن الفجوة بين مجلسي النواب والدولة كانت من أسباب الفوضى في البلاد، مؤكدا سعيهم إلى تفعيل ما جرى الاتفاق عليه بين المجلسين. لتحقيق هدوء نسبي في البلاد ثم المرور بعد سنة إلى عملية الاستفتاء والانتقال بعدها إلى الانتخابات.

ملتقى غامض
من جهته يرى عبدالله عثامنة أن هناك حاجة ملحة لإصلاح سياسي جذري في ليبيا لإعادة بناء الدولة وهو ما يستوجب وجود قاعدة سياسية تضبط سلوك المجتمع الدولي في تعامله مع الأزمة الليبية ويضمن توقف التغييرات المستمرة والتخبط في التعامل معها وتمديد أمدها.

أما عن التطلعات نحو الملتقى الوطني الجامع فتستمر حالة الغموض في النظر إليه واعتباره غير مختلف عن أي لقاء سابق بشأن الأزمة الليبية لغياب أي خطة واضحة له، وأنه لا يختلف كثيرا عن لقاءات باريس وباليرمو وغيرها من اللقاءات الدولية لغياب خطة واضحة وأهداف محددة.

ويبقى الأهم بحسب السنوسي بسيكري هو إرساء أعراف وتقاليد سياسية يحترمها ويقف عندها الفرقاء السياسيون، كاحترام مبدأ الانتخابات والأجسام المنبثقة عنها برغم ما لكل طرف من تحفظات عليها والقبول بما ينتج عنها لتأسيس شكل سياسي فعال ومتطور، وتجاوز الأزمة الحالية.

يذكر أن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج كان قد أكد في لقاء له مع سلامة الخميس الماضي على ضرورة أن يستهدف الملتقى الوطني الجامع إتمام الاستحقاق الدستوري الانتخابي الذي يتطلع إليه جميع الليبيون.

وإلى أن يعقد الملتقى الوطني الجامع تستمر النقاشات والحوارات حول الخطة الأنسب لحل الإشكال السياسي، وتبقى الخلافات والتباينات عاملا مؤثرا في تشكيل مستقبلها وتوقع نتائجها.

Total
0
مشاركة
مقالات ذات صلة